أحدها عموم (1) اللذة بجميع البدن ولولا خروج المنى من الجميع لاختصت اللذة بالعضو الخارج منه المنى.
وثانيها المشاكلة الكلية فإنه لولا أن كل عضو يرسل قسطا لكانت المشابهة بحسب عضو واحد.
وثالثها مشاكله عضو الولد لعضو ناقص من والديه أو عضو ذي شامه أو زيادة قالوا وإذا ثبت ان المنى جسم مركب من أجسام مختلفه الطبائع فالذي هو نازل من اللحم يتكون لحما والنازل من العظم يتكون عظما فلا يجب ان يكون الحيوان كالكرة.
والجواب من وجوه ثلاثة:
أحدها ما مرت الإشارة إليه من لزوم الدور أو التسلسل.
والثاني أيضا ما قد أشرنا إليه من أن المادة ما به الشئ بالقوة وهي في كل شئ امر مجمل في ذاته مبهم في جوهره لا تحصل لها بالفعل الا بمخصصات خارجية والكلام ليس الا في سبب تخصيص المادة الحيوانية باختلاف صور الأعضاء وكون المنى (2) مختلف الاجزاء لا يدفع هذا الاشكال لأنا لو فرضنا المنى مركبا من اجزاء مختلفه فننقل الكلام إلى سبب اختلاف تلك الأجزاء وأيضا ان كل مركب من اجزاء مختلفه غير متشابهه فلا بد ان يوجد فيه اجزاء بسيطه متشابهه ولا بد ان يكون في كل منها قوه بسيطه في مادة بسيطه وهي لا تفعل الا أمرا واحدا متشابها فيجب ان يكون فعلها كره حتى يكون المتولد من منى كرات مضمومة بعضها إلى بعض.
والوجه الثالث انه قدح أرسطاطاليس في صحه هذه الأدلة وصحة هذا المذهب وهو كون المنى نازلا من جميع الأعضاء وبين ذلك بوجوه عشره مذكورة في الشفا منقوله في شرح كليات القانون.