الحافظ نفس الأبوين فالنفس الواحدة كيف يدبر ويحفظ أزيد من بدن واحد تدبيرا وحفظا طبيعيا ولا يسرى فعل النفس في غير بدن واحد ولو سرى فعل النفس في نطفة لم يكن النطفة نطفة بل كان حيوانا ذا نفس واما حصول الضعف عند انزال المنى في جواهر الأعضاء فذلك لا يدل على كونه مختلف الاجزاء أصلا بل منشأ (1) الضعف امر نفساني من انفعال يطرء على النفس بحصول اللذة البدنية فيسري ذلك الوهن والانكسار في سائر اجزاء البدن كما عند الخوف والخشية وكثير من الأمور النفسانية المورثة اضطرابا في البدن ووهنا في قواه وأعضائه الأصلية وبالجملة المنى جوهر قابل الأعضاء وقابل الشئ لا بد وأن يكون خاليا عن ذلك الشئ وضده جميعا حتى لا يلزم تحصيل الحاصل أو اجتماع المتضادين وكلاهما محالان.
وأيضا المنى رطوبة سيالة والرطوبة السيالة لا يمكن فيها اختلاف الهيئات والصفات والأوضاع على الوجه الذي يمتاز بعضها عن بعض حتى يصلح ان يكون وسيله لاختلاف الصور والآثار وقد مر ان اختلاف الاستعداد واللا استعداد من باب القوى والامكانات والنسب التي لا وجود لها الا على سبيل التبعية دون الاستقلال.
ومما لا بد لك من معرفته قبل الخوض في تحقيق هذا المقام واثبات المصورة لأجساد النباتات والحيوان ان المنسوب إلى المادة واستعدادها لم يجز ان يكون الا أمورا جزئيه شخصية من خصوصيات الأزمنة والأمكنة والأوضاع واما الأمور الدائمة الوقوع وخصائص الأنواع فلا بد ان ينسب إلى أسباب فاعليه على الوجه الكلى فإذا تقررت هذه الأمور فثبت ان اختلاف اشكال الأعضاء وخلقها ومقاديرها وأوضاعها وكذلك كون كل عضو من الأعضاء على صوره خاصه ينتفع بها الانسان والحيوان من التشكيلات والتصويرات سيما ما في أعضاء الرأس من العين وطبقاتها والأنف والفم والأسنان واللسان والشفتين وغيرها وما في كل منها من المنافع التي بعضها