الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ١٩١
الصورة منطبعة فيها كما أن الخضرة متى انعكست عن جسم إلى الجدار أمكننا ان ندركها ولكنا إذا نظرنا إلى الصورة المنطبعة في الجليدية وجدنا يختلف مواضعها بحسب اختلاف مقامات الناظرين ولو كانت الصورة منطبعة لكان محل انطباعها معينا فما كان يختلف بحسب اختلاف المقامات وحيث اختلفت فعلمنا ان الصورة غير منطبعة فيها.
أقول هاتان (1) الحجتان قويتان على من قال بانطباع صوره المرئي في الجليدية، ونحن لا نقول به بل بان الصورة متمثلة عند النفس من غير انطباع ولا حلول كما مر.
الحجة الخامسة زعم جالينوس انه لو كان يخرج من المبصر شبح إلى الجليدية لكان قد نقص المبصر أو اضمحل على طول الزمان وهذا في غاية السقوط لان أصحاب الانطباع لا يقولون بانفصال شئ من المبصر إلى البصر بل بان مقابله الجليدية سبب لاستعدادها لان يحدث فيها من المبدء صوره مساوية لصورة المرئي فتلك الصورة الحادثة هي الابصار.
الحجة السادسة ان الفاعل الجسماني لا يمكنه ان يفعل في الجسم البعيد الا بعد فعله في الجسم القريب فلو كان المرئي قد فعل اللون والشكل المخصوص في العين لكان قد فعلها في الهواء المتوسط وليس كذلك بشهادة الحس.
وجوابه (2) ان ما ذكرتم بعد تسليمه انما يلزم إذا كان القريب مستعدا لقبول الفعل كالبعيد وليس في الهواء استعداد ان ينطبع فيه صوره المرئي.
فصل (8) فيما قاله أصحاب الشعاع:
واعلم أن علم المناظر والمرايا فن على حدة اعتنى به كثير من المحققين وبنوا

(1) الحجة الأولى فيها منع ان يكون الوارد من اللون على البصر بأي وجه ورد باقيا على خلوصه ولا طريق للمستدل إلى اثباته والحجة الثانية فيها ان الذي يراه الناظر في جليدية ناظر آخر شئ غير الصورة البصرية التي يتحقق بها الابصار وقد صح ذلك ط مد.
(2) أي لا نسلم أولا ان الجسماني لا يفعل في البعيد الا بعد فعله في القريب فان الشمس تفعل الضوء والحر هاهنا ولا تفعلهما في القريب منها س ره.
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست