يتأخر عنه الفساد والاستحالة وان ظهرت الآفة في سائر القوى والافعال.
فيجاب بان الأعضاء الطرفية انما يلحقها الضعف والفساد لضعف يسبق إلى المبادئ، ولو كانت المبادئ صحيحه لانحفظت الأطراف ولم يسقط قواها ومعلوم ان ليس كبد الشيخ ولا دماغه ولا قلبه على الحال الصحيحة والقريبة من الصحة ولذلك تجد في نبضه وبوله وافعال دماغه تفاوتا عظيما ومعلوم ان عقل الانسان لا يحتاج في تمامه إلى يده ورجله وجلده وما يجرى مجراه.
أقول تفاوت الأحوال الحاصلة للانسان بحسب الشيخوخة تابعه أيضا لتفاوت يقع في أحوال النفس لان المبدء للمزاج والمشكل للأعضاء كما علمت هي النفس ومنشأ كلال البدن وقواه انصراف النفس عن تدبير هذه النشأة إلى تدبير نشأة ثانيه بحسب الجبلة وفي ذلك حكمه كون الموت طبيعيا ولميته لا كما ذكره الأطباء وغيرهم.
فان رجعت وقلت لعل مزاج الشيخ أوفق لافعال القوة العقلية فلهذا يقوى فيه هذه القوة.
قلنا: كلا فان مزاج الشيخ اما بارد يابس واما واهن ضعيف وكل منها يوجد في غير المشائخ ولا يكون لصاحبه مزيد استعداد وليس كل شيخ أقوى من الشاب على أن ضعف البنية ليس يلائم لما يقوم بالبنية بل لعله يلائم ما لا يقوم بالبنية هذا.
حكمه عرشيه اعلم أن هذا البرهان أيضا غير دال على أن لكل انسان جوهرا مفارقا عقليا بل يدل على أن القوة العاقلة غير بدنية وهو كما يدل على أن القوة العاقلة ليست بدنية يدل على أن القوة الخيالية والوهمية أيضا ليست بدنية فان بعض المشائخ والمرضى قد يكون تخيله وتصوره للمعاني الجزئية بحاله ولو كانت القوة الخيالية طبيعية قائمه بهذا البدن الطبيعي لكان كلما عرضت له آفة أو مرض وقع الاختلال في تخيله وتصوره وليس كذلك إذ قد يكون غير مختلة في فعلها والقضية السالبة الجزئية تكفى لاستثناء نقيض التالي كما علمت، والقوم لعدم اطلاعهم على تجرد الخيال تكلفوا تمحلات شديده في دفع بقاء التخيل والتذكر عند الشيخوخة واختلال البدن.