تدبير يقبله سائر الأبدان فيستحيل ان يكون تخصص التدبير لتخصص القابل.
واما ثالثا فتخصص البدن وتعينه انما يكون بسبب تصرف النفس وتدبيرها لأنها الجامعة لاجزائه والحافظة لمزاجه فلو كان تخصص التدبير بسبب تخصص البدن لزم الدور فهذه هي الوجوه الكلية في بيان ان النفس كل القوى وليس في ذلك ابطال القوى كما سبق.
وهاهنا وجوه أخرى خاصه أحدها (1) انا ندعي ان محل (2) الشهوة والغضب ليس هو البدن ولا جسم من الأجسام لان كل جسم منقسم كما ثبت فلو كان محل الشهوة والنفرة هو الجسم لم يمتنع ان يقوم بأحد طرفيه شهوة وبطرفه الاخر نفره حتى يكون الشخص الواحد في الحالة الواحدة لشئ واحد مشتهيا ونافرا.
وثانيها ان القوة الوهمية قوه غير مادية والا لانقسمت العداوة والصداقة لانقسام محلها وكانت من ذوات الأوضاع فحينئذ يكون للصداقة ربع وثلث وتكون قابله للإشارة الحسية بان هذه العداوة هناك في الفوق أو في التحت أو في السوق أو في البيت وليس كذلك.
وثالثها ان الخيال والحفظ قوه غير جسمانية وعليه براهين قويه سبق ذكر بعضها في مباحث العقل والمعقولات والذي نذكر منها هاهنا انا قد برهنا هناك على أن الصور التي يشاهدها النائمون والممرورون أو يتخيلها المتخيلون أمور وجودية يمتنع ان يكون محلها جزء البدن لما بيناه ان البدن ذا وضع وتلك الصور ليست من ذوات الأوضاع.