روحانية ليس موضع العين غير موضع اليد ولا مواضع الأعضاء مختلفه وكذا يمكنه ان يعقل الأرض العقلية والماء العقلي والسماء العقلية ويحضر في ذهنه صوره كل طبيعة من الطبائع بنحو وجودها العقلي على الوجه الذي مر ذكره لان ذلك في الحقيقة معنى ادراكه الكليات وقل من الناس من أمكن له الادراك على ذلك الوجه والذي يتيسر لأكثر الناس ان يرتسم في خياله صوره انسان مثلا فإذا أحس بفرد آخر منه يتنبه (1) بان هذا مثل ذاك ويدرك جهة الاتحاد بينهما وانها غير جهة الاختلاف ادراكا خياليا كما يدرك (2) جهة الاتحاد بين اجزاء الماء مثلا بحسب الحس ويعلم ان جميع اجزاء الماء ماءا وكما يدرك ان جميع اجزاء الماء ماءا مع اختلافها في المقدار والجهة كذا يدرك ان افرادها المنفصلة ماءا ادراكا خياليا.
الحجة الرابعة ان القوة العاقلة تقوى على أفعال غير متناهية ولا شئ من القوى الجسمانية تقوى على أفعال غير متناهية فلا شئ من القوى العاقلة جسمانية اما الصغرى فانا نقوى على ادراك الاعداد ولا نهاية لمراتبها مع أنها أحد الأنواع المدركة للقوة العاقلة واما بيان الكبرى فقد سبق قال صاحب المباحث ان اثبات كون القوى الجسمانية متناهية الفعل يحتاج إلى أن نبين انها منقسمة بانقسام محلها فيرد النقوض الموردة على الحجة الأولى أعني النقض بالنقطة والوحدة والإضافة ومدركات الوهم وغيرها.
أقول: قد مر اندفاع تلك النقوض بحمد الله ثم قال ثم على هذه الحجة أسؤلة زائدة تخصها.
. أولها انا لا نسلم ان القوة الناطقة تقوى على ادراك أمور غير متناهية دفعه بل ادراكا لا ينتهى إلى حد الا ويقوى بعد ذلك على ادراك شئ آخر ولكن لا يلزم من ذلك كونها قويه على ادراكات غير متناهية كما أن الجسم لا ينتهى في الانقسام إلى حد يقف عنده ولكن يستحيل ان يحصل له تقسيمات غير متناهية بالفعل فكذلك هاهنا.