الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ١٢١
بالهيئات التي وجدت في الأول والعقول الفعالة أعني المعقولات وجد ما بعدها وكما أنه ينتقش في العقول تلك الصور على اللزوم فكذلك ينتقش في القوة الغاذية مثلا صوره تشكل الانسان بشركه المادة بوجود هذه القوة في المادة انتهى كلامه.
والمقصود منه ازاله الاستبعاد من صدور هذه الأفاعيل عن النفس بتوسط قواها وهيئاتها وسبب ذلك أن جميع الموجودات التي بعد الوجود الأول الواجب يشتمل لوحدته على لوازم وهيئات ومعاني كثيره بحسب مقامه ومرتبته في الوجود يحاكي السبب الأول في كونه واحدا ومع وحدته عين جميع الصفات الإلهية والأسماء الربانية وقد علمت من قبل ان الباري كل (1) الأشياء بلا تكثر وهكذا كل ما هو أقرب إليه أشد وحده وأكثر جمعا للمعاني حتى أن كل موجود عالم في نفسه يحاكي عالم الربوبية فالنفس الانسانية يجتمع في ذاتها جميع ما يتفرق في البدن وصور الأعضاء من القوى والآلات فاختلاف اشكال الأعضاء ظلال لاختلاف القوى المدركة والمحركة المنبثة (2) آلاتها في سائر الأعضاء حسب انبثاث الروح المنبعث من القلب

(1) فان المراد انه مصداق واحد أحد يترتب عليه من الخيرات والكمالات ما يترتب على كل المصاديق المتفرقة والوجودات المتشتة وآيته الانسان الكامل الذي فيه شئ كالملك وشئ كالفلك وشئ كالحيوان وشئ كالنبات وشئ كالطبائع والجمادات وغيرها مع أنه واحد وهذا هو الكثرة في الوحدة ولا تتوهمن ان كون البسيط كل الأشياء هو كون الوحدة في الكثرة لان هذا مقام الفعل وذلك مقام الذات وهذا هو العلم الفعلي وذلك هو العلم العنائي الذاتي وهذا شئ وصل إليه الكثيرون وذلك شئ وصل إليه الأقلون بل لم يصل إليه باعتقاد المصنف قده الا أرسطاطاليس.
وقال قده في موضع آخر لم أجد على وجه الأرض من له علم بذلك وان لم يكن كذلك لان كلا المقامين مما وصل إليهما العرفاء الشامخون حتى صار من اصطلاحاتهم شهود المفصل في المجمل وشهود المجمل في المفصل س ره.
(2) في هذه العبارة مسامحة لان المراد بالآلات اما الأعضاء المفردة كالشريان والعصب والوريد ونحوها فليس انبثاثها حسب انبثاث الروح بل بالعكس إذ يقال انبثاث المقبول على حسب انبثاث القابل لا بالعكس الا ان يجعل حسب بمعنى سبب أو طبق مع أن القوى المدركة سوى اللمس غير منبثة آلاتها، لان آلاتها في الرأس خاصه واما القوى وهو خلاف الظاهر إذ أكثر استعمال الاله في الروح البخاري والأعضاء واما ان ذا الاله ما هو فأمره سهل وهو الأصل المحفوظ في القوى والسنخ الباقي فيها وآلات المحركة مثل المحركة عضله وحددت بخمسمائة عضل.
ثم في قوله المنبعث من القلب في الأوردة والشرايين أيضا تسامح لان الروح الذي هو آله القوى المدركة والمحركة هو الروح النفساني الدماغي وهو في الأعصاب لا في الأوردة والشرايين وانما فيهما الروح الحيواني القلبي والطبيعي الكبدي والأرواح ثلاثة كما صرحوا به لكن لما كان الروح النفساني أصله الروح الحيواني ويصعد من القلب إلى الدماغ سامح فيه س ره.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست