الاخر أعني الصفراء والسوداء والبلغم ثم إن كل واحده منها يتميز عن الاخر وينصب (1) إلى عضو معين ولولا أن في كل (2) من تلك الأعضاء قوه جاذبه لذلك النوع من الرطوبة الخلطية لاستحال ان يتميز تلك الرطوبات بعضها عن بعض بنفسها ولاستحال ان يخص كل عضو منها رطوبة معينه اختصاصا (3) أكثريا فهذا قاطع في اثبات القوة الجاذبة لجمله الأعضاء.
واما القوة الماسكة فوجودها في المعدة والرحم مشاهده بالتشريح وفي غيرهما معلوم بالبرهان اما المعدة فانا إذا أعطينا حيوانا غذاءا رطبا أو يابسا ثم شرحنا في ذلك الوقت بطنه وجدنا المعدة محتوية على غذاء لازمه ضامه له من جميع الجوانب واما الرحم فإذا اجتذب إليه المنى يرى منضما إليه انضماما شديدا من جميع الجوانب منطبق الفم بحيث لا يمكن ان يدخل فيه طرف الميل ولو انك شققت من الحيوان الحامل من أسفل السرة إلى نحو الفرج وكشفت عن الرحم وجدت الرحم كما ذكر.
واما الحجة على وجود الماسكة في غيرهما من الأعضاء فهو ان الأجسام الغذائية أجسام ثقيله لغلبة الأرضية والمائية عليها ولا بد في امساكها في زمان الانهضام فهو حركه استحالية واقعة بعد الجذب إلى مواضع الأعضاء من قوه ممسكه إلى غير طبيعة الغذاء