الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٥
ان هذا البرهان غير جار في كل نفس بل انما يدل على تجرد العاقلة للصورة التي هي معقولة بالفعل في نفس الامر سواءا كانت بحسب ذاتها المقتضية للتجرد أو بحسب تجريد مجرد ونزع منزع ينزع معقولها من محسوسها وتلك النفس هي التي خرجت من حد العقل بالقوة والعقل الاستعدادي إلى حد العقل بالفعل والمعقول بالفعل وهذا العقل يوجد في بعض افراد الناس دون الجميع وذلك لان الذي يدركه أكثر الناس من الطبائع الكلية وجودها في أذهانهم يجرى مجرى وجود الكليات الطبيعية في الخارج في جزئياتها المادية كالحيوان بما هو حيوان فان ماهيته موجودة في الخارج بعين وجود الاشخاص ولها اعتبار لا يكون بذلك الاعتبار متخصصا بمكان معين ووضع خاص ولا أيضا من حيث ماهيته المشتركة بقابل للقسمة المقدارية الجزئية وكذلك إذا وجدت ماهيته في ذهن أكثر الناس فإنها توجد تلك الماهية بعين وجود صوره متخيلة لكن للذهن ان يعتبرها بوجوه من الاعتبار فهي من حيث كونها صوره شخصية موجودة في قوه ادراكية جزئيه تكون جزئيه متخيلة ومن حيث اعتبارها بما هي هي أي بما هي حيوان بلا اشتراط قيد آخر لا يكون متخيلة ولا محسوسة ولا معقولة أيضا لأنها بهذا الاعتبار امر مبهم الوجود وان كانت موجودة في الواقع بوجود ما تتحد به من الصورة ومن حيث اعتبارها (1) مشتركة بين

(1) أي من حيث اعتبار شيئية الماهية فان اعتبار شيئية الوجود العقلي في الكلية وان هذا الوجود لاستواء نسبته إلى جميع الافراد مناط الكلية والاشتراك كما سيأتي فشئ لا يفهمه بعض الخواص فضلا عن العوام فالاشتراك الذي يفهمونه صدق مفهوم مجمل غير مبين عندهم ذاتية وعرضية عليها بل مناسبتها في بعض الآثار الحسية بل إذا سمعوا كليا تصوروا بأوهامهم وخيالاتهم مقدارا ممتدا وغطاءا منبسطا على الافراد كما إذا سمعوا النور المحيط الوجودي تخيلوا شعاعا عرضيا ممتدا مع أنه لا كم ولا كيف للكليات في ذاتها فكيف لحقيقة الوجود وهذا لغلبة احكام الصورة عليهم، وقاهرية القوى الجزئية على عقولهم التي بالقوة في العلميات فهذه التصويرات أغذية خيالاتهم وأقواتها لا تتقوم بدونها واما الخواص فهم ان وقعوا في هذه التمثيلات بغته بحسب نشأة خيالهم فلكون قواهم مرتاضة في النظريات أو في العمليات رجموها وردوا أحكامها وتداركوها بالأحكام العقلية والتجرد الذي يفهمونه اما امر سلبي محض أو ان يرتقوا قليلا فتخلية شيئية الماهية عن جميع العوارض كالماهية المجردة التي فهم بعض الحكماء من المثل المجردة حاشا القائل بها عن ذلك س ره.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست