هذه الروح حتى يتحرك كيف اتفق وينمو كيف اتفق فيجب ان يكون الجوهر الروحي أول ما يتكون وهو يجتمع في موضع واحد ويحيط به ما هو أكثف الاجزاء من المنى وليس لبعض الجوانب بان يكون مجمعا لتلك الأرواح أولوية من الجانب الآخر فلا بد ان يكون مجمعها هو الوسط ويكون سائر الأجزاء محيطه به كالكرة وذلك المجمع ليس هو الكبد لان حاجه الأعضاء إلى الغذاء بعد تكونها كما مر في ابطال مذهب ابن زكريا فاذن ذلك المجمع هو الموضع الذي استحكم مزاجه وهو القلب.
أقول فيه نظر لأنا ان سلمنا ان أول ما يتكون من بخارية الأخلاط هو الروح وانه أسهل وجودا من الأعضاء وأمس حاجة إليه منها الا ان الروح منه ما هو طبيعي قريب الشبه مما يوجد في الأجسام النباتية من الاجزاء اللطيفة البخارية ومنه ما هو حيواني يختص بالمزاج الحيواني ومنه ما هو نفساني قريب الشبه بالأجرام الفلكية.
فالذي يتكون منه أولا في الحيوان هو الأرواح الطبيعية والمجمع الحاصر لها هو المناسب إياها وهو الكبد ثم يضيف إليها للاجزاء الغذائية بالقوة الغاذية التي فيها فيغتذي وينمو ويتكامل فتزيد حاجتها حسب تكاملها في الجوهر وتزايدها في المقدار إلى منزل أعلى وموضع أشرف وأقوى فيضم إلى المجمع الأول في جانبه العالي الذي فيه قوه الحرارة مجمع آخر روحه أصفى وأقوى واحر واقبل للحياة وهو القلب وهكذا يتولد سائر الأعضاء بعضها للرئاسة وبعضها للخدمة إلى أن يتم البدن بجميع ما فيه من القوى والأعضاء كمدينة عامره يتزايد اجزائها شيئا فشيئا فيحتاج إلى سلطان مطاع يخدمه الرعايا ويخدم الرعايا المساكن والمنازل والدواب وغيرها وربما كان وجود السلطان آخرا في السعي والعمل وأولا في الفكر والغاية.
فصل (13) في وقت تعلق النفس الناطقة بالبدن قد أشرنا سابقا إلى أن النفس الناطقة المدركة للمعقولات بالفعل انما يحدث لمن يحدث في حدود الأربعين عاما بحسب الغالب واما النفس المتميزة عن سائر النفوس الحيوانية باستعدادها للكمال العقلي ووقت تعلقها فزعم الشيخ الرئيس في ذلك أن مني المرأة