ببطلانه للبراهين الدالة على بقائها ببقاء علتها الفياضة وأخصرها انها غير منطبعة في الجسم بل ذات آله به فإذا خرج الجسم بالموت عن صلاحية ان يكون آله لها فلا يضر خروجه عن ذلك جوهرها بل لا تزال باقيه ببقاء العقل المفيد لوجودها الذي هو ممتنع التغير فضلا عن العدم كما عرفت وإذا كان كذلك فيجب وجودها قبل البدن الصالح لتدبيرها وعلى هذا لا يكون البدن شرطا لوجودها بل لتصرفها فيه فيكون البدن كفتيلة استعدت لاشتعال من نار عظيمه فتنجذب النفس إليه بالخاصية أو البدن إليها كالمغناطيس والحديد وليس من شرط جذب المغناطيس للحديد ان يكونا موجودين معا انتهى.
أقول انا سنبين كيفية حدوث النفس وتعلقها بالبدن وما ذكره اشكال ستقف على حله وهو احتجاج صحيح على قدم كل بسيط الحقيقة ويلزم منه قدم المفارق، وكذا النفوس بحسب وجودها البسيط العقلي الذي هو صوره من صور ما في علم الله، وشأن من الشؤون الإلهية وقد علمت أن وجود النفس ونفسيته شئ واحد وهي بحسب هذا الوجود صوره مضافة إلى البدن متصرفة فيه لا ان اضافتها إليه وتصرفها فيه من العوارض اللاحقة التي هي بعد وجودها حتى يزول ويعود كالإضافة التي بين المغناطيس والحديد كما زعمه فالذي يحوج إلى البدن هو وجودها التعلقي وجهه نفسيتها وتصرفها فيه واستكمالها به وهذا النحو من الوجود ذاتي لها حادث بحدوث البدن وكما تحدث بحدوثه تبطل ببطلانه بمعنى انها تبطل النفس بما هي نفس ذات طبيعة بدنية وينقلب بجوهرها إلى نحو آخر من الوجود بحسب استكمالاتها الجوهرية المتوجهة إلى الغايات، وفناء (1) الشئ إلى غايته الذاتية ومبدئه أشرف وأولى له فقوله والا وجب بطلانها ببطلانه مسلم وحق وقوله لكنها لا تبطل ببطلانه للبراهين الدالة على بقائها إلى آخره ان أراد به بقاء النفس بما هي نفس معينه فشئ من البراهين التي وجدناها لا يدل الا على أن ما يكون موجودا بسيط الحقيقة لا يمكن ان يبطل واما النفس بما هي نفس وكذا كل صوره وطبيعة مادية محصله للجسم فليست بسيطه الهوية.