النمو فرب وقت كان ايراد الغذاء أكثر وفعل النمو أقل ورب وقت كان بالعكس فانا قد نشاهد كثيرا ان بعض الغلمان والجواري في زمان البلوغ اتفق إن كان مريضا مرضا شديدا يعطل الغاذية عن فعلها ومع ذلك ينمو هذا المريض نموا بالغا ويطول قامته طولا متفاوتا بالقياس إلى ما سبق من الزمان فاذن حيث وقع التخالف في مقتضى هاتين القوتين ولو في بعض الأوقات علم أنهما متغايران ذاتا لا بمجرد الشدة والضعف إذ لو كان التفاوت بمجرد الكمال والنقص لما وقع التخالف الا بذلك لكن التخالف قد يقع بالعكس من ذلك يعنى قد يقوى النمو وينقص التغذية وقد يقوى التغذية وينقص النمو فهما متغايرتان ذاتا لتغايرهما فعلا وغاية فثبت ما ادعيناه.
شك وتبصره ان من الناس من ادعى ان الغاذية نار واحتج عليه بان الغاذية تغذو والنار (1) تغذو فالغاذية نار وهذا مع فساد صوره القياس حيث وقع الاستنتاج من الموجبتين في الشكل الثاني بطل قولهم النار تغذو لان النار لا تغذو بل تتولد وتتصعد بطبعها وإذا صعدت استولى عليها الهواء البارد فأفسدها فليست هناك نار واحدة مغتذية نعم فعل الغاذية يشبه فعل النار في النضج والإحالة.
ومن الناس من ذهب إلى أن في الأعضاء فرجا يملأها القوة النامية وهو باطل كما وقعت الإشارة إليه فان ملا الفرج لا يوجب نمو الأعضاء وليس ما ذكره الشيخ في الشفا وصوبه بعض الفضلاء من أن القوة النامية يفرق اتصال العضو ويدخل في تلك المسام الاجزاء الغذائية وهكذا القول في الاغتذاء مرضيا عندنا وذلك لان تفرق الاتصال مؤلم بالذات ويستحيل أن تكون الطبيعة أو النفس تفعل فعلا طبيعيا تقتضي أمرا منافيا بالذات لطبيعة الجسم الذي هي فيه بحيث يوجب دوام الألم لو كانت هناك قوه مدركه وكان الادراك به حاصلا بالفعل كما مر ذكره في مبحث ان تفرق الاتصال مؤلم بالذات وذلك لان القوة الواحدة لا تفعل ولا تقتضي اثرين متنافيين بل الحق كما شيدنا أركانه