في النفس ثم قال في آخر هذا الفصل وبهذا وبأمثاله يقع في النفس ان نفوس الحيوان غير الناطق أيضا جوهر غير مادي وانه هو الواحد بعينه المشعور به وانه هو الشاعر الباقي وان هذه الأشياء آلات متبدلة عليه فهذا جمله ما يدل على صحه ما ادعيناه.
فصل (5) في دفع ما قيل في النفس لا تدرك الجزئيات وهي وجوه عامه ووجوه خاصه اما الوجوه العامة في أربعة:
الأول ان العقلاء ببداهة عقولهم يدركون ان ادراك المبصرات حاصل في البصر لا في غيره والاحساس بالأصوات حاصل في الاذن لا في غيره وكما أن البداهة حاكمه بان اللسان غير مبصر والعين غير ذائقه كذلك حاكمه بان اللسان ذائق والعين مبصرة فلو قلنا بان المدرك بهذه الادراكات لهذه المدركات هو النفس لزم بطلان هذه الاختصاصات المعلومة.
وليس لقائل ان يقول القوة المدركة وان (1) كانت غير موجودة في هذه الأعضاء لكنها آلات لها فإذا وقع للنفس التفات إلى العين أبصرت أو إلى الاذن سمعت.
لأنا نقول النفس إذا التفت إلى اللسان فاللسان هل يدرك الطعم أو إلى البشرة فالبشرة عند الضرب هل تتألم أم لا فان ادراك فقد حصل المطلوب وان لم يدرك فيجب ان لا يكون لذلك الادراك اختصاص باللسان بل يكون اللسان جاريا مجرى اليد في كونه آله الذوق.
والجواب ان أكثر الناس يجدون ادراكاتهم الكلية وتعقلاتهم المجردة من جانب قلبهم (2) ودماغهم فهل يدل على أن محل هذه الادراكات الكلية هو القلب والدماغ