فأقول ان هذا البرهان برهان قاطع لكن على تجرد بعض النفوس الانسانية لا النفوس العامية انما يدل على تجرد نفس تعقل الصور العقلية ويشاهدها من حيث عقليتها ونحو وجودها العقلي المشترك فيه بين الاعداد الذي لا يحصل الا بعد تجريد المعنى الواحد عن القيود والزوائد والخصوصيات وبالجملة كل من يمكن له ان يلاحظ صوره الحيوان مثلا بنحو من الوجود لا يكون لها بحسبه مقدار خاص ومكان خاص ووضع خاص وزمان خاص وكذا تعقل صوره الانسان العقلي المجرد عن العوارض المادية بان يكون (1) انسانا بحتا يخرج منه جميع ما هو غير الانسانية من الوضع الخاص والكم الخاص والأين الخاص ومع ذلك لا يحذف عنه شئ من مقوماته وقواه وأعضائه حتى أنه يعقله ذا رأس ووجه وعين ويد ورجل وبطن وكل ذلك (2) على الوجه العقلي المشترك فيه بين الاعداد الكثيرة لان ذلك معنى ادراك الماهية الكلية لشئ كما قال المعلم الأول في اثولوجيا الانسان العقلي روحاني وجميع أعضائه
(٢٨٣)