البدنية ورتب عليها الألحان والنغمات وكمل علم الموسيقى.
واعلم (1) ان اشتمال الأفلاك والكواكب على الطعوم والروائح والأصوات، وجميع ما يدركه الحواس هاهنا قول صحيح أيدته الأذواق الكشفية والبراهين العقلية والمناسبات الوجودية وذلك لان الوجود مع كمالاته وخيراته انما يفيض من الأوائل على الثواني ومن الأعالي على الأداني وهكذا إلى أدنى الوجود وكل ما يوجد من الصفات الكمالية في المعلولات الأخيرة فهي موجودة في مباديها القريبة على وجه الطف وأصفى وكل ما توسط في الأسباب القريبة فهي موجودة في العلل القصوى العقلية على وجه مناسب لذلك العالم الا ترى ان الكيفيات المحسوسة وجودها في موضوعاتها الجسمانية على نحو يلزمها التضاد والانقسام والاستحالة وغير ذلك ووجودها في الحواس والمدارك النفسانية على نوع آخر أصفى والطف لصفاء القابل حيث يزول عنها كثير من النقائص المصحوبة لها في الخارج ولها أيضا نوع آخر من الوجود في القوة العقلية على نوع أشرف وأعلى وجوهر السماويات في اللطافة دون عالم العقل وفوق عالم العناصر وهي في اللطافة بمنزله الحواس فان جوهر الحس للطافته يقبل رسوم المحسوسات لكن حس الحيوان مختص ببعض المواضع من بدنه وهو الذي يوجد فيه جوهر روحاني من جنس مادة الأشباح المثالية المتوسطة بين العقول والأجسام، والفلك لكونه بسيطا متشابه الاجزاء كله كالروح الحاصل في موضع الخيال منا.
ومما يزيل الاستبعاد في كون عالم الأفلاك مشتملا على الروائح والنغمات ان هذه الكيفيات من حيث كونها مدركه لنا ليست هي التي تكون في الخارج عن قوانا ومشاعرنا لما علمت مرارا ان المحسوس بما هو محسوس وجوده في نفسه ليس الا وجوده للجوهر الحاس ومعلوم ان وجودها للخيال مناط علمنا بها وانكشافها لدينا وقد