الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٣١٨
ومفارقتها عن الابعاد والأجرام ذاتا ووجودا لا فعلا ومثالا.
سئل الواسطي لأي علة كان رسول الله ص احكم الخلق قال لأنه خلق روحه أولا فوقع له صحبه التمكين والاستقرار الا تراه كيف يقول كنت نبيا وآدم بين الماء والطين وفي رواية العوارف بين الروح والجسد أي لم يكن روحا ولا جسدا انتهى كلامه وقال بعضهم الروح خلق من نور العزة وإبليس خلق من نار العزة ولهذا قال:
خلقتني من نار ولم يدر ان النور خير من النار.
وقال بعضهم قرن الله العلم بالروح فهي للطافتها تنمو بالعلم كما أن البدن تنمو بالغذاء.
والمختار عند أكثر المتكلمين ان الانسانية والحيوانية عرضان خلقا في الانسان والموت يعدمهما وان الروح هي الحياة بعينها صار البدن بوجودها حيا وبالإعادة إليه في القيامة يصير حيا.
أقول هذا الكلام مما له (1) وجه صحه وتحقيق لو صدر عن ذي بصيرة وكشف وكذا ما ذهب إليه بعض المتكلمين من أنه جسم لطيف اشتبك بالأجسام الكثيفة اشتباك الماء بالعود الأخضر وهو اختيار أبى المعالي الجويني أستاذ الشيخ أبى حامد الغزالي وذلك لان (2) ذلك الجسم البرزخي أيضا من مظاهر الروح وكينونته في هذا البدن ليس بتداخل واشتباك لكن يشبههما.
وأصر بعض متأخريهم على أنه عرض مع ما سمعوا من الأخبار الواردة فيه الدالة

(1) وهو ان المراد الانسانية والحيوانية الطبيعيتان والموت الطبيعي يعدمهما أو ان المراد مطلق الانسانية والحيوانية المحفوظ في النشآت والموت الاختياري والفناء التام يعدمهما كما في صاحب مقام لي مع الله أو ان المراد ان ذات الانسان وأصله بل أصل كل شئ هو الوجود وشيئيات الماهيات حتى الذاتيات عرضيات الا ان الماهيات المنتزعة من المرتبة الأولى من الوجود والكمال الأول تسمى ذاتيات والماهيات المنتزعة من المرتبة الثانية من الوجود والكمال الثاني تسمى عرضيات س ره.
(2) ويمكن ان يكون المراد بالروح الروح البخاري وهو مشتبك بالبدن ومن هذا القبيل ما قيل إن النفس جسم لطيف سار في البدن سريان الماء في الورد والنار في الفحم فمرادهم المرتبة النازلة من النفس س ره.
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست