الحجة السابعة وهي قريبه المأخذ مما تقدم ان كثره الأفكار والتعمق في ادراك المعقولات سبب لتجفيف الدماغ وذبول البدن لأجل ثوران الحرارة المجففة وسبب لاستكمال النفس بخروجها في تعقلاتها من القوة إلى الفعل ومعلوم ان الشئ الواحد لا يكون سببا لكمال شئ ونقصانه فلو كان موت البدن يقتضى موت النفس لكانت الأفكار التي هي سبب لنقصان البدن أو موته سببا لنقصان النفس أو موتها مع أنها مكملة لجوهر النفس فعلمنا ان النفس غير قائمه بالبدن.
ولقائل ان يقول إن الممتنع كون شئ واحد سببا لكمال شئ واحد ونقصانه من جهة واحده وفي وقت واحد واما ان يكون ذلك في وقتين وبحسب اعتبارين فغير ممتنع.
الحجة الثامنة ان النفس (1) غنية في فعلها عن البدن وكل غنى في فعله عن المحل فهو غنى في ذاته عنه فالنفس غنية عن المحل اما انها غنية في فعلها عنه فلوجوه ثلاثة: أحدها (2) انه يدرك ذاتها ومن المستحيل ان يكون بينها وبين ذاتها آله فهي في ادراكها ذاتها غنية عن الاله.
وثانيها (3) انها تدرك ادراكها لنفسها وليس ذلك بآلة.