كما أن الوحدة والأولية ذاتية للحق الأول وفيما سواه إضافية فهو الواحد الحق، وما سواه زوج تركيبي.
واما من رأى منهم ان الشئ انما يدرك شبيهه وان المدرك بالفعل شبيه بالمدرك فقوله حق وصواب وقد تكرر منا في هذا الكتاب ان المدرك دائما من جنس المدرك فاللمس يدرك الملموسات وهو من جنسه وكذا الذوق يدرك المذوقات وهو من جنسه والنور البصري يدرك المبصرات والخيال يدرك المتخيلات والوهم يدرك الوهميات والعقل للعقليات وبالجملة كل قوه ادراكية إذا تصور بصوره المدرك يخرج ذاته من القوة إلى الفعل ولا شبهه (1) في أن القوة القريبة والاستعداد القريب من الشئ من جنس صوره ذلك الشئ وفعليته ثم انك قد علمت بالبرهان القطعي اتحاد العقل بالمعقولات والحس بالمحسوسات والاتحاد أشد من الشبه وعلمت ان النفس إذا صارت عقلا تصير كل الأشياء وهي أيضا الان تتحد بكل من الأشياء التي تستحضرها في ذاتها أعني صور تلك الأشياء لا أعيانها (2) الخارجة عنها ولا يلزم من ذلك تركيب النفس من تلك الأمور الخارجية ولا من صورها أيضا بل كلما صارت النفس أكمل صارت أكثر جمعا للأشياء وأشد بساط إذ البسيط الحقيقي كل الأشياء كما مر برهانه.
واما قول الجامعين بين الامرين الادراك وحركه فإذا صح تأويل الكلام في كل واحد منهما صح في المجموع.