ولا العرض واقعه تحت مقولة المضاف لما علمت سابقا فزوال التصرف في البدن من النفس هو بعينه زوال وجودها في نفسها أو مساوق له الا ان يستحيل إلى مقام صار وجودها بعينه هو وجودها لذاتها أو لعقلها المفارق وحينئذ لم يكن نفسا بل شيئا ارفع وجودا منها كما انها قبل بلوغ الصورة الطبيعية وهي كمال أول لجسم طبيعي إلى مقام (1) النفسية كان شيئا أخس وجودا وأدون مرتبه من النفس.
واما ما ذكره بعض الفضلاء في استحالة تقدم النفس على البدن من أنها لو تقدمت على البدن لكان شئ واحد مفارقا ومخالطا للمادة ومحال ان يكون الشئ الواحد مفارقا ومخالطا فمحال تقدم النفس على البدن فغير صحيح على هذا الوجه لا لما ذكره جماعه من أهل العلم منهم الشيخ المقتول في كتاب المشارع والمطارحات من أن النفس ليست بمخالطة للمادة فلا يجرى فيه ذلك الكلام بل يتوجه ذلك على الصور والاعراض ولا لما قيل إن المخالطة ليست الا لعلاقة البدنية فلا يلزم مما ذكره القائل الا كون شئ واحد مجردا عن العلاقة وذا علاقة وهذا على هذا الوجه انما يمتنع إذا كان التجرد والعلاقة وقعا معا فيستحيل اجتماعهما اما العلاقة في وقت والتجرد وقت آخر فهو غير محال بل واقع كما للنفس قبل الموت وبعده اما بطلان الأول فلما علمت أن النفس في أول حدوثها صوره مادية ثم تصير مجرده فثبت كون شئ واحد مخالطا ومفارقا فليجز في عكسه واما بطلان الثاني فلان نفسية النفس وعلاقتها بالبدن هذه العلاقة امر ذاتي لها وهو نحو من أنحاء وجود الشئ بالذات ولهذا قسموا الجوهر إلى اقسام هي أنواع محصله لمقولة الجوهر وعدوا من تلك الأنواع النفس نوعا قسيما للعقل فعلم أن النفس ليست ذاتا شخصية تامه مفارقه الذات ثم قد عرضت لها التعلق بالبدن كتعلق صاحب الدكان بدكانه بإضافة زائدة عليه.