والشراب لأنها لرطوبتها وميعانها ورقتها لا يقف بطبعها في تلك المواضع المزلقة واما الهاضمة فهي التي تحيل ما جذبته الجاذبة وأمسكته الماسكة إلى قوام مهيا لفعل المغيرة فيه والى مزاج صالح للاستحالة إلى العضوية بالفعل وهذه القوة غير الغاذية عند المحققين.
قيل في بيان الفرق بينهما ان القوة الهاضمة يبتدى فعلها عند انتهاء فعل الجاذبة وابتداء فعل الماسكة فإذا جذبت جاذبه عضو شيئا من الدم وأمسكته ماسكة ذلك العضو فللدم صوره نوعيه وإذا صار شبيها بالعضو فقد بطلت عنه تلك الصورة وحدثت له صوره أخرى فيكون كونا للصورة العضوية وفسادا للصورة الدموية وهكذا الكون والفساد انما يحصلان بان يحصل من الطبخ ما لأجله يأخذ استعداد المادة للدموية في النقصان وللعضوية في الاشتداد وهكذا لا يزال الأول في الانتقاص والثاني في الاشتداد إلى أن يبطل الصورة الدموية ويحدث الصورة العضوية فهاهنا حالتان سابقه وهي التي تزيد استعداد قبول الصورة العضوية ولاحقه هي حصول الصورة العضوية فالأولى فعل القوة الهاضمة والثانية فعل القوة الغاذية فهذا ما قيل في الفرق بين هاضمة كل عضو وغاذيته.
واعترض عليه بوجهين الأول ان الهاضمة محركه للغذاء في الكيف إلى الصورة المشابهة لصورة العضو وكل ما حرك شيئا إلى شئ فهو الموصل له إلى ما يتحرك إليه فالهاضمة هي الموصلة للغذاء إلى الصورة العضوية فاذن الفاعل للفعلين قوه واحده والكبرى ظاهره فان ما حرك شيئا إلى شئ كان المتوجه إليه غاية المحرك والمعنى بكونه غاية ان المقصود الأصلي من حركه هو ذلك الشئ والثاني ان هاضمة كل عضو لا شك انها بالطبخ والنضج يفيد المادة زيادة استعداد لقبول الصورة العضوية ولذلك الاستعداد مراتب في القوة والضعف وليس بعض الدرجات بان ينسب إلى الهاضمة أولى من الاخر فإذا حصل كمال الاستعداد والغاية فاضت تلك الصورة عن واهب الصورة وإذا تمت هذه الأفعال فقد تمت التغذية فلا فرق اذن بين الهاضمة والغاذية.