الثاني انا كما علمنا ببداهة العقل انا لا نذوق الطعوم ولا نشم الروائح بالأيدي والأرجل كذلك علمنا بالضرورة انا لا نذوق ولا نلمس بالدماغ.
أقول اما الأول فلا يرد علينا لأنا لا نقول بانطباع الصور المدركة وحلولها في جرم من الأجرام بل هي قائمه بالنفس قياما غير الحلول والانطباع وكذا الثاني فان الدماغ ليس محل الانطباع ولا أيضا إليه حاجه في ادراك النفس للصور بعد حصولها من طريق الحواس ولا في ادراك المغيبات بعد حصول الاستعداد لها انما الحاجة إليه في كونه محل القوة والامكان لحدوث الصورة بسبب الرجحان وحامل استعداد النفس للاتصال بمبدء التصوير والتمثيل اما كون تلك الصور العظيمة منطبعة في جزء من الدماغ فنحن ننكره غاية الانكار إذ قد أقمنا البرهان على كون الصور الخيالية غير موجودة في هذا العالم إذ ليست من ذوات الأوضاع ومع ذلك لا بد من اثبات قوه أخرى غير النفس لمغايرة مدرك الجزئيات لمدرك الكليات لان الجزئي بما هو جزئي تباين في الوجود للكلي بما هو كلي أي عقلي والمدرك ابدا من نوع المدرك بل عينه كما علمت فمدرك الجزئي غير مدرك الكلى.
فصل (2) في الخيال قوه الخيال ويقال لها المصورة (1) هي قوه يحفظ بها الصورة الموجودة في الباطن.
واستدلوا على مغايرتها للحس المشترك بوجوه ثلاثة: الأول ان الحس المشترك له قوه قبول الصور والخيال له قوه حفظها وقوة القبول غير قوه الحفظ بوجهين: