والنامي في الماهية بالقوة والثاني الصاقها بهما على ما هو المشهور والثالث تشبيهها بهما بالفعل ثم إن كان المقدار الوارد على جواهر الأعضاء الأصلية مساويا لما تحلل منها فذلك فعل الغاذية وإن كان أزيد فذلك فعل النامية وعند هذا لقائل ان يشكك ويقول إن الغاذية والنامية قوه واحده ولا فرق بينهما الا ان الغاذية تفعل هذه الأمور بمقدار ما يتحلل والنامية تفعل أزيد مما يتحلل فالتفاوت بينهما بالكمال والنقص فان القوة إذا كانت قويه على فعل كانت قويه على مثله فإذا كان الجزء الزائد مثلا للجزء الأصلي وكانت الغاذية قويه على تحصيل الجزء الأصلي وجب أن تكون قويه على تحصيل الجزء الزائد عندما كانت شديده القوة فعلى هذه القوة الغاذية هي المنمية الا انها في ابتداء الامر تكون قويه فتكون وافية بايراد البدل الأصلي والزيادة جميعا وبعد ذلك تضعف فلا تورد الزيادة بل يورد الأصلي.
ومما يدل على ذلك أن القوة الغاذية في سن الانحطاط والذبول تورد أقل مما يتحلل وقد كانت في سن الوقوف تورد مثل ما يتحلل فيكون ايرادها وقت الوقوف أكثر من ايرادها وقت الذبول فاذن القوة الواحدة جاز ان يختلف ايرادها بالزيادة والنقصان فهذا شك قوى.
أقول في جوابه ان اختلاف الغايات (1) الطبيعية تدل على اختلاف القوى لكن غاية القوة الغاذية تخالف غاية المنمية فهما قوتان مغايرتان.
بيان ذلك أن غاية فعل الغاذية في ايراد البدل سد الخلل الواقع من التحليل الا ترى ان الحيوان لا يطلب الغذاء الا بعد استيلاء حرارة الجوع على المعدة والبدن على التحليل فعند ذلك يشتهى الطعام وغاية فعل النامية تمديد الأعضاء على نسبه مخصوصة وليس (2) ان زيادة ايراد البدل على ما يتحلل في كل وقت توجب زيادة النمو ولا أصل