أحدها انك قد علمت أن ما يتغذى بالفعل ليس هي من المطعومات الداخلة في بدن الحيوان وغيره ولا التي وقعت لها الاستحالات والانهضامات من الأغذية بالقوة بل لا يغتذي الحيوان بالحقيقة الا من عند نفسه ولا يتقوى الا بقوة باطنه وهذه المسماة (1) عند القوم بالأغذية والأدوية هي أسباب معدة لان ينفعل مادة البدن من مبدء نفسه بما يناسبه على قياس ما ذكرناه في المعقول بالفعل والمعقول بالقوة وان الذي سمى معقولا بالقوة لا يصير معقولا بالفعل ابدا بل يعد لان تحصل للنفس حاله هي معقولة وعاقلة بالفعل فكذا في الغذاء والنمو وليس كون اللحم لحما والعظم عظما.
والرباط رباطا الا من جهة ما تقتضيه هيئات النفوس وأوصافها واجزائها المعنوية ومقوماتها النفسانية فيظهر آثارها في الأجساد والأبدان فينزل إلى عالم الأشباح الصورية من عالم الأرواح المعنوية باعداد هذه الحركات والانفعالات وتحريكات مواد الأغذية وغيرها.
وثانيها انك هب ان المنى هو الحاصل من فضله الهضم الرابع فمن أين يلزم (2) ان يكون فضله الشئ لا بد ان يكون مثله أو قريبا منه في الاستعداد فهل سرجين الحيوان مثله أو عرق الانسان مثل الانسان.
وثالثها هب ان المنى عند كونه متصلا بواضع الأعضاء كان مثلها أو قريب الاستعداد فبعد الانفصال عنها والخروج منها إلى مواضع أخرى لا نسلم انه قد بقي ما كان عليه فمن الحافظ (3) عليه تلك الأجزاء على ترتيبها ووضعها وكيفيتها فإن كان