من أن النمو حركه متصلة في الكم وحركه معناه خروج الشئ من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج ومعنى التدريج هاهنا ان يكون للمتحرك في كل آن فردا آخر من المقولة فليس في حركه النمو مقدار ثابت ومقدار آخر وارد عليه سواءا كان بالمداخلة أو بغير المداخلة فصل (6) في سبب وقوف القوى كالنامية والغاذية في ضرورة الموت ولنذكر أولا ما وقع الاحتجاج به من القوم في هذا الباب ثم نذكر قاعدة كليه من العلم الإلهي والفلسفة الكلية التي أفادنا الله ينكشف بها هذا المطلب ونحوه . فالذي ذكروه في وقوف النامية ان الأبدان مخلوقه من الدم والمنى فلا محاله يكون كل مولود جسما رطبا كما هو مشاهد في الأجنة التي في بطون أمهاتها ثم لا يزال يستولي عليه الجفاف يسيرا يسيرا وقد عرفت ان النمو لا يحصل الا عند تمدد الأعضاء وذلك بنفوذ الغذاء في المسام كما هو المشهور وذلك لا يمكن الا إذا كانت الأعضاء لينه فاما إذا صلبت وجفت لم يكن ذلك فلا جرم يستمر النمو من أول الولادة إلى آخر الوقت الذي تصلب الأعضاء وجفت فحينئذ تقف النامية هذا ما ذكر في سبب وقوف النامية.
واما الذي قالوه في وقوف الغاذية وحلول الاجل فوجوه:
الأول ان القوة الغاذية قوه جسمانية فلا يكون أفعالها الا متناهية وهذا منقوض بالنفوس الفلكية لأنها قوى جسمانية سيما عند أصحاب المعلم الأول القائلين بان نفوسها قوى منطبعة في أجسامها مع أنها غير متناهية الافعال عندهم والذي وقع الاعتذار من الشيخ الرئيس عنه هناك انها وان كانت جسمانية لكنها لما سنح عليها من نور العقل المفارق تكون قويه على الافعال الغير المتناهية فكتب تلميذه بهمنيار إليه فقال إذا جوزت ذلك فلم لا يجوز أن تكون القوى البدنية وان كانت متناهية الا انها تقوى على أفعال غير متناه لما سنح عليها من أنوار العقل المفارق (1) فأجاب عنه ان ذلك محال لكون البدن مركبا من