الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف ولعله ليس المراد ان النفوس البشرية بحسب هذه التعينات الجزئية كانت موجودة قبل البدن والا لزم المحالات المذكورة وتعطيل قواها عن الأفاعيل إذ ليس النفس بما هي نفس الا صوره متعلقه بتدبير البدن لها قوى ومدارك بعضها حيوانية وبعضها نباتية بل المراد ان لها كينونه أخرى لمبادئ وجودها في عالم علم الله من الصور المفارقة العقلية وهي المثل الإلهية التي أثبتها أفلاطون ومن قبله فللنفوس الكاملة (1) من نوع الانسان أنحاء من الكون بعضها عند الطبيعة وبعضها قبل الطبيعة وبعضها ما بعد الطبيعة على ما عرفه الراسخون في الحكمة المتعالية وذلك مبنى (2) على ثبوت الأشد والأضعف في الجوهر، وعلى وقوع حركه الاشتدادية في الجواهر المادية وعلى تحقيق المبادئ والغايات فان نهايات الأشياء هي بداياتها.
واما أرسطاطاليس ومن تأخر عنه من المشائين والاتباع فقد اتفقوا على حدوث هذه النفوس وهذه إحدى المسائل التي اشتهر انه وقع الخلاف فيها بين هذين الحكيمين