رجعت إلى موطنها الأصلي وهي متضمنة أيضا لقوه حيوانية على مراتبها من حد التخيل إلى حد الاحساس اللمي وهو آخر مرتبه الحيوانية في السفالة وهي أيضا ذات قوه نباتية على مراتبها التي أدناها الغاذية وأعلاها المولدة وهي أيضا ذات قوه محركه طبيعية قائمه بالبدن كما قال الفيلسوف الأعظم أرسطاطاليس من أن النفس ذات اجزاء ثلاثة نباتية وحيوانية ونطقية لا بمعنى تركيبها عن هذه القوى لأنها بسيطه الوجود بل بمعنى كمال جوهريتها وتمامية وجودها وجامعية ذاتها لهذه الحدود الصورية وهذه القوى على كثرتها وتفنن أفاعيلها معانيها موجودة كلها بوجود واحد في النفس ولكن على وجه بسيط لطيف يليق بلطافة النفس كما أن معاني الأنواع الجسمانية توجد في العقل متحدة صائرة إياها بعد ما ارتفعت عنده من حد المحسوسية إلى حد المعقولية فكما يوجد في العقل جميع الأنواع الطبيعية على وجه أرفع وأعلى فكذلك توجد بوجود النفس جميع القوى الطبيعية والنباتية والحيوانية وجودا نفسانيا أعلى وارفع من وجوداتها في مواضعها الأخرى وبالجملة النفس الآدمية تنزل من أعلى تجردها إلى مقام الطبيعة ومقام الحاس والمحسوس ودرجتها عند ذلك درجه الطبائع والحواس فيصير عند اللمس مثلا عين العضو اللامس وعند الشم والذوق عين الشام والذائق وهذه أدنى الحواس وإذا ارتفع إلى مقام الخيال كانت قوه مصورة ولها ان يرتفع عن هذه المنازل إلى مقامات العقول القادسة فيتحد (1) بكل عقل ومعقول وأكثر المتأخرين من الفلاسفة كالشيخ واتباعه لما لم يحكموا أساس
(١٣٥)