الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٣٧٠
إذا كان عقلا بسيطا كان علمه بالأشياء صوره بسيطه عقلية تطابق اعدادا بل أنواعا كثيره في الخارج وتلك الاعداد مع كونها متكثرة المواد الخارجية مختلفه الهويات الطبيعية فهي مما يحمل عليها معنى واحد نوعي متحد بها إذا اخذ ذلك المعنى مرسلا من غير شرط وقيد من وحده أو كثره عددية وكذا إذا كان العالم قوه خيالية كالذوات النفسانية الموجودة في عالم الأشباح والأمثال يكون صورتها العلمية صوره متخيلة مطابقة لصورة محسوسة في الحس أو موجودة في المادة بحسب الماهية والحد مخالفه لها في نشأة الوجود والهوية وكذا القياس في غير ما ذكرناه من المواطن الادراكية فقد علم أن لحقيقة واحده نشأت وجودية بعضها أشد تجردا وأكثر ارتفاعا عن التكثر والانقسام وعن الوقوع في الحركات ومواد الأجسام وإذا جاز ان يكون صوره واحده عقلية في غاية التجرد صوره مطابقه لاعداد كثيره من صور جسمانية بحيث يتحد بها فليجز كون صوره واحده عقلية هي المسماة بروح القدس صوره مطابقه لنفوس كثيره إنسية تكون هويتها تمام تلك الهويات النفسانية وما نقل عن فيثاغورث أنه قال إن ذاتا روحانية ألقت إلى المعارف فقلت من أنت قال انا طباعك التام يؤيد هذا المطلب وأنت يا حبيبي لو تيسر لك الارتقاء إلى طبقات وجودك لرأيت هويات متعددة متخالفة الوجود كل منها تمام هويتك لا يعوزها شئ منك تشير إلى كل واحده منها بانا (1) وهذا كما في المثل المشهور أنت انا فمن انا.
حجه أخرى ذكرها أيضا في كتاب حكمه الاشراق بقوله إذا علمت لا نهاية الحوادث واستحالة النقل إلى الناسوت فلو كانت النفوس غير حادثه لكانت غير متناهية فاستدعت

(1) كما كنت تشير قبل الارتقاء إلى البدن بانا لكونك فانيا فيه وفي تمشيه امره وقضاء وطره قال تعالى: (نسوا الله فأنساهم أنفسهم) والآن حصحص الحق وصرت فانيا في باطنيات ذاتك وعادلا واضعا للشئ في موضعه فما كان انا.
صار هو وما كان هو صار انا والمثل المشهور الذي أشار إليه كأنه حكاية من ربط القرع على رجله لئلا يضل ويفقد نفسه في ازدحام الناس فنام وفكه آخر وربط على رجل نفسه واستلقى بجنبه فلما استيقظ الأول ولم يره في رجله قال للاخر أنت انا فمن انا ونعم ما قيل:
كر جمله توئى پس أين جهان چيست * ور هيچ نيم پس أين فغان چيست س ره.
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»
الفهرست