فعلى هذا يظهر فساد قول من قال المتوسط كلما كان ارق كان أولى فلو كان خلا صرفا لكان الابصار أكمل حتى كان يمكن ابصارنا النملة على السماء لا بما ذكروه في جوابه بان هذا باطل فليس إذا أوجب رقه المتوسط زيادة قوه في الابصار لزم ان يكون عدمه يزيد أيضا في ذلك فان الرقة ليست طريقا إلى عدم الجسم لان اشتراط الرقة في الجسم المتوسط لو كان لأجل ان لا يمنع نفوذ الشعاع فصح انه إذا كان رقه الجسم منشأ سهولة النفوذ كان عدم الجسم فيما بين أولى في ذلك وكانت الرقة على هذا التقدير طريقا إلى العدم بل فساده لأنه لو لم يكن بين الرائي والمرئي امر وجودي متوسط موصل رابط لم يكن هناك فعل وانفعال.
فان قلت إن الشيخ اعترف بان هذا النوع من الفعل والانفعال لا يحتاج إلى ملاقاة الفاعل والمنفعل فلو قدرنا الخلاء بين الحاس والمحسوس فأي محال يلزم من انطباع صوره المحسوس في الحاس بل الخلاء محال في نفسه والملاء واجب.
قلنا قد مر سابقا ان ملاقاتهما وان لم يكن واجبا لكن يجب مع ذلك اما الملاقاة واما وجود متوسط جسماني بينهما يكون به مجموع المتوسط والمنفعل في حكم جسم واحد بعضه يقبل التأثير لوجود الاستعداد فيه وبعضه لا يقبل لعدم الاستعداد فلو فرض ان ليس بين النار والجسم المتسخن جسم متوسط لم يتحقق هناك تسخين وتسخن لعدم الرابطة وكذا لو لم يكن بين الشمس والأرض جسم متوسط لم يقبل الأرض ضوءا ولا سخونة.
فصل (11) في انحصار الحواس في هذه الخمس الجمهور من الناس زعموا امكان وجود حاسه سادسه غير هذه الخمس والحكماء أنكروا ذلك واحتجوا عليه كما نبه الشيخ في بعض كتبه من أن الطبيعة (1) لا ينتقل