وحملوه ووجهناه إلى غير ما وجهوه كما سيجئ لك بيانه في مباحث نفى التناسخ ذكرنا وجوه الخلل في أبحاث هذا الشيخ النحرير في الحواشي بما يؤدى ذكره هاهنا إلى التطويل فارجع إلى الحواشي ان اشتهيت ان تسمعها ثم قال بعد ذلك وذهب أفلاطون إلى قدم النفوس وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لقوله ع:
الأرواح جنود مجندة فما تعارف الحديث وقوله ص خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام وانما قيده بألفي عام تقريبا إلى افهام (1) العوام والا فليست قبلية النفس على البدن متقدرة ومحدودة بل هي غير متناهية لقدمها وحدوثه انتهى قوله.
أقول لو كان مراد أفلاطون بقدم النفوس قدمها بما هي نفوس متكثرة كما توهمه لزم منه محالات قويه منها تعطيل النفوس مده غير متناهية عن تصرفها في البدن وتدبيرها، وقد علمت أن الإضافة النفسية ليست كإضافة الأبوة والبنوة العارضة وكإضافة الربان إلى السفينة وكإضافة رب الدار إلى الدار حتى يجوز ان يزول ويعود تلك الإضافة النفسية والشخص بحاله بل النفسية كالمادية والصورية وغيرها من الحقائق اللازمة الإضافات التي نحو وجودها الخاص مما لزمتها الإضافة وكالمبدعية والإلهية لصانع العالم حيث ذاته بذاته موصوفه بها فالنفس ما دام كونها نفسا لها وجود تعلقي فإذا استكملت في وجودها وصارت عقلا مفارقا يتبدل عليها نحو الوجود ويصير وجودها وجودا أخرويا وينقلب إلى أهله مسرورا فلو فرضت وجودها النفسي قديما لزم التعطيل بالضرورة والتعطيل محال.
ومنها لزوم كثره في افراد نوع واحد من غير مادة قابله للانفعال ولا مميزات عرضية وهو محال.
ومنها وجود جهات غير متناهية بالفعل في المبدء العقلي ينثلم بها وحده المبدء الاعلى إلى غير ذلك من المحالات اللازمة على القول بلا تناهى النفوس المفارقة في الأزل وعلى القول بتناهي النفوس (2) القديمة يلزم التناسخ وكثير من المفاسد المذكورة.