فإذا تحققت هذه الأصول فليس لقائل ان يقول لم لا يجوز (1) أن تكون النفس هي التي تفعل هذه الأفاعيل كلها من غير حاجه إلى اثبات هذه القوى النفسانية والحيوانية ثم إن سلمنا تغاير النفس الناطقة للقوى الحيوانية لأنها جوهر عقلاني وهذه متعلقه بالأجسام لكن لم لا يجوز أن تكون القوة الحيوانية واحده وتكون المدركة والمحركة واحده وان سلمنا تغايرهما ولكن لم لا يجوز أن تكون المحركة قوه واحده والشهوة والغضب واحد فان صادف اللذة انفعلت على نحو أو الأذى انفعلت على نحو آخر وكذلك تكون القوة المدركة للمحسوسات الظاهرة والباطنة واحده وان سلمنا تغايرهما لكن الحس الظاهر قوه واحده تفعل في آلات مختلفه أفعالا مختلفه.
وأيضا فلم لا يجوز أن تكون القوة النباتية هي الحيوانية وان سلمنا تغايرهما فلم لا يجوز أن تكون الغاذية والنامية والمولدة واحده فهي تورد على الشخص في ابتداء تكونه أكثر مما يتحلل عنه فينمو ويزيد مقداره إلى أن ينتهى إلى كمال النشو في قبال الزيادة وإذا عجز عن ذلك وحرك الغذاء إلى أعضاء ذلك المتحرك ليغذوها به ويفضل عنه فضل غير محتاج إليه في التغذي غير منصرف إلى النمو فتصرف إلى فعل آخر محتاج (2) إليه وهو التوليد ثم لا يزال تورد بدل ما يتحلل إلى أن يعجز فتحل الاجل.
وبما ذكرناه سابقا ظهر اندفاع هذه الاعتراضات وأشباهها وليس مبنى اثبات كثره القوى على تلك القاعدة المشهورة كما توهم فلا يرد عليهم النقوض المشهورة.
منها ان الحس المشترك يدرك كل المحسوسات الظاهرة فان كانت هذه