الذي هو أشرف أنواع الحيوانات إذ الشهوة والغضب سواءا كان بحسب الشخص كشهوة الغذاء الموافق أو بحسب النوع كشهوة الجماع والوقاع والغضب على ما يخالف ذلك لا يدعوان الا إلى ما ينفع ويضر في الحال اما في المال فلا يكفي هذه الداعية المسماة بالشهوة أو الغضب فخلق الله للانسان داعيه أخرى فوق الشهوة والغضب مسخرة تحت إشارة العقل الهادي بنور الله إلى العواقب الأخروية المعرف لحسن الثواب وقبح العقاب وهذه الداعية هي المسماة بالإرادة وقد يسمى عند بعض علماء الدين باعثا دينيا وهي التي خص الله بني آدم بها وأفردهم بها عن البهائم اكراما وتعظيما كما ميزهم بالعقل العارف بعواقب الأشياء وهذه الإرادة تحت إشارة العقل كما أن الشهوة تحت ادراك الحس هذا ما لخصناه من كلام بعض علماء الاسلام وحاولنا ان نذكره في هذا الفصل لجودة نظمه وحسن بيانه ولنعد إلى ذكر أحوال الحواس على التفصيل فصل (2) في اللمس وأحواله قد علمت أن الحيوان الأرضي لكونه حامل كيفية اعتدالية يحتاج إلى قوه حافظه إياها مدركه للجسم المحيط به كالهواء والماء انه مخالف ليحترز منه حتى لا يكون محرقا إياه بحره أو مجمدا ببرده أو موافق ليطلبه أو يسكن فيه فهو أقدم الحواس ويشبه ان يكون الحاجة إلى اللمس لدفع المضرة أقوى والى الذوق للدلالة على المطعومات التي يستبقى بها الحياة أشد لكن الحاجة إلى دافع المضرة لاستبقاء الأصل أقدم من الحاجة إلى المنفعة لتحصيل الكمال ولأن جلب الغذاء يمكن بسائر الحواس فظهر ان اللمس أول الحواس وأقدمها وانه يجب ان يكون كل البدن موصوفا بالقوة اللامسة والبرهان (1) على ذلك أن بدن الحيوان من جنس مادة
(١٥٩)