البرهان الثالث لو كان المحرك هو المزاج لما حدث الاعياء لان الاعياء انما يكون بسبب حركه طارية على الجسم على خلاف ما يقتضيه طبعه وليس يمكن ان يقال إن طبائع البسائط تقتضي حركه خلاف ما يقتضيه امتزاجها لان فعل الطبائع بعد امتزاجها يجب ان يكون من جنس فعلها حال بساطتها ولا يختلفان الا بالقوة والضعف فإنه لو كان مقتضى المزاج مقابلا لمقتضى الطبائع لكانت تلك الطبائع تقتضي أمرين متقابلين وذلك ممتنع فلو كان محرك الحيوان هو مزاجه لما حدث الاعياء ولما تجاذب مقتضى النفس ومقتضى الطبيعة عند الرعشة فلذلك قال الشيخ في الإشارات ان الحيوان متحرك بشئ غير مزاجه الذي يمانعه كثيرا حال حركته في جهة حركته بل في نفس حركته قال الشارح المتقدم يريد بقوله حال هذه حركه البطؤ والسرعة كما في الاعياء فان المزاج يمانع كون حركه سريعه كالانسان إذا أراد رفع قدمه فجهة حركه الإرادية هي الفوق وعند الاعياء لا يكون حركه سريعه ويريد بقوله في جهة حركته ممانعة النفس والطبيعة كما في الرعشة لان النفس تحركها إلى فوق والمزاج إلى أسفل فيتركب حركه منهما ويريد بقوله في نفس حركته ان الاعياء ربما ينتهى إلى حيث لا يقوى النفس على التحريك أصلا.
وقال الشارح المحقق المراد بحاله حركه وقت حركه والمزاج قد يمانع في جهة حركه كما إذا صعد الانسان على جبل فإنه يريد الفوق ومزاج بدنه لغلبة الثقلين تقتضي السفل والمراد بقوله في نفس حركته ان المزاج يقتضى السكون على وجه الأرض لمقتضى الثقل المذكور والنفس قد تريد حركه على وجه الأرض، ورد ما ذكره في باب الرعشة بأنها لا يتركب من هاتين الحركتين فقط، بل ومن كل حركه في جهة تريدها النفس ومن كل حركه في مقابل تلك الجهة تحدث من امتناع العضو عن طاعة النفس فإنه إذا أحدث محرك ميلا إلى جهة وعارضه مانع أحدث ذلك المانع ميلا إلى مقابل تلك الجهة.
البرهان الرابع ان الادراك الحسي في هذا العالم لا يكون الا بتكيف الاله بكيفية من باب المحسوس فاللمس لا يتحقق الا مع استحالة مزاج العضو اللامس