علم النفس لذهولهم عن مسألة الوجود وكماله ونقصه ومباديه وغاياته أنكروا هذا المعنى وزعموا أن الامر لو كان كذلك لكانت النفس متجزية ولكان العقل الفعال منقسما (1) حسب تعدد النفوس العاقلة ولكان كل من نفوسنا يعلم ما يعلمه الأخرى من النفوس وقد مر البرهان (2) النوري الكاشف لحجب هذه المضائق والشكوك بحمد الله عند كلامنا في اتحاد العاقل بالمعقول فصل (10) في أن هذه المراتب من النفس بعضها سابقه في الحدوث على بعض كما مر فالنفس الآدمية ما دام كون الجنين في الرحم درجتها درجه النفوس النباتية على مراتبها وهي انما تحصل بعد تخطى الطبيعة درجات القوى الجمادية فالجنين الانساني نبات بالفعل حيوان بالقوة لا بالفعل إذ لا حس له ولا حركه وكونه حيوانا بالقوة فصله المميز عنه عن سائر النباتات الجاعل له نوعا مباينا للأنواع النباتية وإذا خرج الطفل من جوف أمه صارت نفسه في درجه النفوس الحيوانية إلى أوان البلوغ الصوري، والشخص حينئذ حيوان بشرى بالفعل انسان نفساني بالقوة ثم يصير نفسه مدركه للأشياء بالفكر والروية مستعمله للعقل العملي وهكذا إلى أوان البلوغ المعنوي والرشد الباطني باستحكام الملكات والأخلاق الباطنة وذلك في حدود الأربعين غالبا
(١٣٦)