الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٣٩٦
وسلبت (1) عنها القوة والامكان وصارت باقيه ببقاء الله سبحانه.
وبالجملة تحقيق هذا المبحث وتنقيحه لا يتيسر الا من عرف كيفية اتحاد النفس بالعقل الفعال ومصير الأشياء في المبدء المتعال وذلك ميسر لما خلق له واعلم أن نشأت الوجود متلاحقة متفاضلة ومع تفاوتها متصلة بعضها ببعض ونهاية كل مرتبه بداية مرتبه أخرى وآخر درجات هذه النشأة التعلقية أول درجات النشأة التجردية وعالم التجرد المحض ليس فيه حدوث وتغير وسنوح حاله فلا يتغير ذلك العالم بدخول النفس إليه كما لا يتغير بصدورها منه كما علمت في الفصل السابق فورود النفس إلى ذلك العالم بنحو صدورها منه بلا استحالة وتجدد فعليك بالتأمل الصادق والتفطن اللائق كي تدرك ما ذكرناه متنورا بيت قلبك باشراق نور المعرفة على ارجائه من عالم الإفاضة والالهام، والله يدعو إلى دار السلام.
فصل (7) في أن سبب النفس الناطقة امر مفارق عقلي قد سبق فيما مضى ان علة النفوس لا يجوز ان يكون هي الجسم بما هو جسم والا لكان كل جسم كذلك ولا أيضا يجوز ان يكون قوه جسمانية لان تلك القوة لا يخلو اما ان يحتاج في وجوده إلى ذلك الجسم أو لا يحتاج إليه في وجوده بل في (2) تأثيره فقط وكلا الشقين ممتنع فتأثيرها في وجود النفس ممتنع وقد فرضت مؤثرة هذا خلف اما بطلان الأول فلوجوه:
اما أولا فلان الصورة الجسمانية إذا فعلت في شئ كان فعلها لمشاركة القابل والقابل هو الجسم والجسم ممتنع ان يكون جزءا من المؤثر كما مضى تحقيق هذا الوجه.

(1) أي الاستعدادي واما الذاتي فهو لازم لماهيته أو المراد استهلاك احكام الامكان مطلقا وغلبه احكام الوجوب لكون العقل من صقع الربوبية ولهذا باق ببقاء الله تعالى لا بابقائه س ره.
(2) كالنفس المجردة السماوية لا المنطبعة وانما حملنا عليها إذ الكلام في النفس الأرضية المطلقة ولأنه يتعرض لها ويحكى عن الشيخ دفعها س ره.
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 » »»
الفهرست