الخارج مثل ما يعرض للمبرسمين وكما يعرض للنائم في رؤياه فإنه يشاهد صورا عظيمه محسوسة وأصواتا مسموعة متميزة عن غيرها وكذلك الذي يشاهدها أصحاب النفوس الشريفة كالأنبياء والأولياء ع حين سلامه حواسهم من الصور البهية، والأصوات الحسية لا يرتابون فيها ويميزون بينها وبين غيرها وكذلك ضعفاء العقول قد يرون عند الدهشة والخوف في الحروب والزلازل وغيرها لانزعاج نفوسهم عن عالم الظاهر صورا مناسبة لأحوالهم فإذا لتلك الصور وجود فان العدم المحض يمتنع ان يتميز عن غيره وليس وجودها في الخارج والا لرآها كل من كان سليم الحس، فإذا تلك الأمور وجودها لمدرك آخر غير القوة العقلية فان العقل يمتنع ان يدرك الأجسام والابعاد والاشكال المقدارية وغير الحس الظاهر لأن هذه الصور في الأغلب يدرك عند ركود الحواس وتعطلها وكذا يدرك في المنام وقد يدرك في اليقظة المبصر عند غموض العينين فبقي ان يكون المدرك لها قوه باطنه غير العقل وليس الخيال مدركا لها لان الخيال حافظ والا لكان كل ما كان مخزونا فيه متمثلا مشاهدا وليس كذلك فبقي ان يكون المدرك لها قوه أخرى وهي الحس المشترك وموضع تعلقها مقدم الدماغ عند التجويف الأول ومظهر ادراكاته هو الروح المصبوب هناك وهذا الروح كالمرآة التي تظهر بسببها لخلوها عن الألوان مع قابليتها صور الألوان من غير أن ينطبع فيها صوره فهكذا تلك الروح لبساطتها وصفائها واعتدالها يصير سببا لظهور الأشباح الغيبية على النفس من مثل (1) المحسوسات فيدركها النفس بهذه القوة التي هي آله لادراك المحسوسات الغائبة من الحواس وهو المطلوب.
واستدل من نفى هذه القوة بوجهين:
الأول ان النائم قد يرى في نومه جبلا من الياقوت وبحرا من النار وهذه الصور العظيمة يستحيل انطباعها في جرم الدماغ لاستحالة انطباع العظيم في الصغير، فاذن محل هذه الصورة ليس قوه جسمانية بل جوهر النفس فبطل القول بهذه القوة.