الباب السادس في بيان تجرد النفس الناطقة الانسانية تجردا تاما عقليا وكيفية حدوثها وفيه فصول: فصل (1) في أن النفس الناطقة ليست بجسم ولا مقدار ولا منطبعة في مقدار وفيه حجج الأولى ان لها ان تدرك الكليات والطبائع الكلية من حيث عمومها وكليتها والكلي بما هو كلي أي طبيعة عامه لا يمكن ان يحل جسما ولا ان ينطبع في طرف منقسم أو غير منقسم منه اما انه لا يمكن ان يوجد في طرف غير منقسم منه فلان النقطة يمتنع ان يكون محلا لصورة عقلية فلأنها لا تخلو اما ان يكون لها تميز عن الشئ الذي هي نهايته أو لا يكون فإن لم يكن امتنع حصول الصورة المعقولة فيها دون المحل الذي هي طرفه بل كما أن النقطة طرف ذاتي له فكذلك انما يجوز ان يحل فيها طرف شئ حال في ذلك المقدار ويكون كما أن الحال يتقدر بذلك المقدار بالعرض فكذلك تناهيه بطرفه بتناهي المحل بها بالعرض وإن كان لها تميز عن ذلك المقدار في الوجود فهو محال والا لكانت النقطة منقسمة كما بين في موضعه.
واعترض هاهنا بان عدم التميز في النقطة عن المحل وإن كان مسلما لكن لا نسلم انه لا يحل فيها الا نهاية ما يحل في ذلك المقدار فان ما ذكرتم منقوض بالألوان والأضواء الحاصلة في السطوح دون الأعماق وكذا حال المماسة والملاقاة.
والجواب ان السطح له اعتباران اعتبار انه نهاية للجسم واعتبار انه مقدار منقسم في جهتين فقبوله الألوان والأضواء وغيرهما من جهة انه عبارة عن امتدادي الجسم لا من جهة انه نهاية له.