بين النفس والصورة الفائضة منه على ذاتها وكان ما اخترناه كان مذهب الأوائل والاسم واقعا عليه فوقع في النقل تحريف لغموض المذهب وقصور فهم الناقل وإذا دل البرهان على أن الرؤية بحضور صوره مجرده عن المادة الخارجية للنفس وبطل القول بالشعاع وبانطباع الصورة في الجليدية وما يجرى مجراها فثبت وتحقق ما ادعيناه. فلنذكر تفاصيل ما يرد على كل من المذهبين الآخرين المشهورين فصل (7) فيما تمسك به أصحاب الانطباع وتعقيبه بما يرد عليهم وذكر حجه النفاة قد تمسكوا بوجوه:
أحدها وهو العمدة ان العين جسم صقيل نوراني وكل جسم كذلك إذا قابله جسم كثيف ملون انطبع فيه شبحه كالمرآة اما الكبرى فظاهر واما الصغرى فلما يشاهد من النور في الظلمة إذا حك المتنبه من النوم عينه وكذا عند امرار اليد على ظهر الهرة السوداء ولأن الانسان إذا نظر إلى نحو أنفه قد يرى عليه دائرة من الضياء وإذا انتبه من النوم قد يبصر ما قرب منه زمانا ثم يفقده وذلك لامتلاء العين من النور في ذلك الوقت وان غمض إحدى العينين يتسع ثقب العين الأخرى وما ذلك الا لان جوهرا نورانيا ملأه ولأنه لولا انصباب الأرواح النورانية من الدماغ إلى العين لما جعلت ثقبتا الأنوار مجوفتين.
وهذا بعد تمامه انما يدل (1) على انطباع الشبح فيه لا كون الابصار به.
وثانيها ان سائر الحواس انما تدرك المحسوس بان يأتي صورته إليها لا بان يخرج منها شئ إلى المحسوس فكذا الابصار.
وأجيب بأنه تمثيل بلا جامع