وثانيتهما (1) ان كل متجدد فإنه قبل تجدده ممكن الوجود المتجدد والا لكان ممتنعا والممتنع غير موجود فاذن المتجدد غير المتجدد هذا خلف ونعني بهذا الامكان الاستعداد التام على ما عرفت وذلك الاستعداد التام يستدعى محلا لان الذي يوجد فيه امكان وجود الشئ هو الذي حصلت فيه قوه وجود ذلك الشئ أي استعداده القريب.
إذا ثبت ذلك فنقول النفس لو صح عليها العدم لوجب ان يكون هناك شئ يوجد فيه امكان ذلك الفساد وذلك الشئ ليس هو ذات النفس فان النفس لا تبقى ذاتها مع الفساد والذي فيه امكان الفساد يجب ان يبقى مع الفساد فاذن ذلك الشئ مادة النفس فيكون للنفس مادة فننقل الكلام إلى تلك المادة فان صح عليها الفساد احتاجت إلى مادة أخرى ولزم التسلسل وهو محال وإذا انقطع التسلسل فذلك السنخ الباقي مما لا يجوز عليه الفساد والعدم وهو جزء النفس ولا يكون جزئها الباقي ذات وضع والا لكانت النفس منافيه لمقارنة الصور العقلية ولكانت ذات وضع وحيز وهو محال كما بين وإذا كان ذلك الشئ الذي ثبت بقاؤه مجردا عن الوضع والحيز قابله للصور العقلية كان ذلك الجزء هو النفس بعينها إذ لا نعنى بالنفس الا جوهرا مجردا قابلا للصور العقلية فالنفس لا يصح عليها العدم.
فان قيل أليست لها مادة توجد فيها قوه حدوثها فلم لا يجوز ان يحصل في تلك المادة قوه فسادها.
فنقول الفرق ثابت لان الذي فيه قوه الحدوث هو البدن وذلك مما يصح ان يبقى مع الحدوث اما الذي يوجد فيه قوه الفساد لو كان هو البدن لكان البدن باقيا مع فساد النفس وبالاتفاق البدن لا يبقى مع عدم النفس فظهر الفرق بين البابين هذا ما في مسفورات القوم والحجتان انما تنهضان دليلا على امتناع الفساد على جوهر بسيط مباين الوجود عن المادة ولواحقها لا على امتناع فساد ما وجوده هذا الوجود الارتباطي