الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٢٠٧
الشخص انسان مع أن الانسان كلي معقول والشخص جزئي محسوس فلو كان الحاكم على الشيئين لا بد وان يدركهما بالذات فلزم ان يكون هاهنا قوه مدركه غير العقل وغير الحس تدرك للمعقول والمحسوس جميعا لان ادراك العقل مقصور على الكليات وادراك الحس مقصور على الجزئيات فلو وجب للحاكم على الجزئي بالكلي ان يدرك الطرفين جميعا بلا واسطه قوه أخرى يكون آله له فيلزم اما استحالة هذا الحكم واما وجود قوى أخرى لا يكون عقلا ولا حسا واللازم بقسميه باطل فكذا الملزوم.
قال بهمنيار (1) وعندي انه ليس يجب ان يكون الحاكم بان هذا اللون هو هذا الطعم مدركا للصور المحسوسة كما أنه إذا اثار الابصار الشهوة لم يجب ان يكون القوة الشهوانية دراكه بل يصح ان يكون النفس مدركه للطعم بالذوق واللون بالبصر ثم يحكم قوه أخرى بان هذا الطعم لشئ هذا لونه انتهى.
أقول لا غبار على كلامه هذا ولا يرد عليه ما أورده صاحب المباحث بقوله وهذا جهل مفرط ولعله نسي ما حفظه في أول المنطق من أن كل تصديق لا بد فيه من تصورين فمن لم يكن متصورا للعالم والحادث كيف يمكنه الحكم بثبوت أحدهما للاخر انتهى وذلك لان المراد من قوه أخرى في قوله ثم يحكم قوه أخرى قوه ادراكية كالعقل (2) في الانسان والوهم في سائر الحيوانات فمعناه انه يحكم العقل أو الوهم بعد تنبهه بوسيلة الذوق على الطعم وبوسيلة الابصار على اللون بان هذا الطعم

(1) يعنى ان العقل مع كونه غير مدرك للجزئيات يحكم فيما بينها فصح ان الحاكم ليس يجب ان يدرك الطرفين ويرد عليه ما أوردناه على المصنف قده مع أن الحاكم ان ليس يدرك الصور الجزئية فكيف يحكم كما قال الامام وان يدرك بالقوى والآلات بان يكون الصور فيها ولكن لا علم لذي الاله بها فكيف يحكم أيضا وان انعكس من القوى والآلات إلى صفحه ذاته فحيث يجوز انطباع الصور المحسوسة فيها مع تجردها وتنزهها فأية حاجه إلى القوى س ره.
(2) فقول بهمنيار قوه أخرى بالنسبة إلى الذوق والبصر لا بالنسبة إلى النفس، والأولى ان يقال بقوة أخرى س ره.
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست