قول انبادقلس فإنه جعل النفس مركبه من العناصر الأربعة ومن الغلبة والمحبة وقال انما يدرك النفس كل شئ يشبهه فيها واما الذين جمعوا الامرين فكالذين قالوا إن النفس عدد محركه لذاته فهي عدد لأنها مدركه وهي محركه لذاتها لأنها محركه أولية واما الذين اعتبروا امر الحياة غير مفصله.
فمنهم من قال إن النفس (1) حرارة غريزية لان الحياة بها.
ومنهم من قال بل برودة وان النفس مشتق من النفس والنفس هو الشئ المبرد ولهذا ما يتبرد بالاستنشاق ليحفظ جوهر النفس. ومنهم من قال بل النفس هو الدم لأنه إذا سفح الدم بطلت الحياة.
ومنهم من قال بل النفس مزاج لان المزاج ما دام ثابتا لم يتغير صحت الحياة.
ومنهم من قال بل النفس تأليف ونسبه بين العناصر وذلك لأنا نعلم أن تأليفا ما يحتاج إليه حتى يكون من العناصر حيوان ولأن النفس تأليف فلذلك يميل إلى المؤلفات من النغم والأراييح والطعوم ويلتذ بها.
ومن الناس من ظن أن النفس هو الاله تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا وأنه يكون في كل شئ بحسبه فيكون في شئ طبعا وفي شئ نفسا وفي شئ عقلا سبحانه تعالى عما يشركون قال وهذه هي المذاهب المنسوبة إلى القدماء والأقدمين في امر النفس وكلها باطل ثم شرع في نقض ما قالوه وابطالها وتزييفها.
أقول نقض ظواهر هذه الأقوال وابطالها في غاية السهولة بعد أن ثبت ان النفس جوهر مفارق الذات عن الأجسام وكل من له أدنى بضاعة في الحكمة يعلم أن النفس جوهر شريف ليس من نوع الأجسام الدنية كالنار والهواء والماء والأرض ولا من باب النسب والتأليفات كيف يذهب على الحكماء السابقين كانبادقلس وغيره ان يجهلوا ما يعلمه من له أدنى معرفه في علم النفس وأحوالها فاذن التأويل والتعديل لكلامهم أولى من النقض والجرح.
فنقول ومن الله الاستعانة اما قولهم ان النفس متحركة لكونها محركه أولية