فانا نقول لو كانت قوه الذوق مثلا عين قوه الشم لوجب لكل منهما ادراك ما يدركه الأخرى إذ الموضوع لكل منهما قابل لحصول الطعم والرائحة جميعا وحيث لم يدرك شئ منهما ما أدركه الاخر مع حضور ذلك المدرك علم أن القوتين متخالفتان ذاتا وحقيقة.
واعترض عليه صاحب المباحث بأنه لا يلزم من حصول القوة المدركة وحصول المدرك في شئ واحد حصول الادراك لجواز توقفه على شرط فائت الا ترى ان العضو اللامس حصلت فيه الكيفية اللامسة مع الكيفية الملموسة مع أن تلك القوة غير مدركه الكيفية وكذلك القوة الباصرة موجودة في الروح الباصر الذي وجد فيه لون ما وهياه ما ثم إنها لا تبصر بشكل محلها ولا لونه وهيأته فعلمنا انه لا يلزم من اجتماع القوة المدركة والصور المدركة كيف كان حصول الادراك فاذن لا يلزم من عدم حصول فعل وادراك مخصوص بعضو عن عضو آخر اختلاف القوتين.
أقول الشروط (1) والموانع اما داخلية ذاتية أو عرضية خارجية فالاختلاف في القسم الأول يوجب اختلاف القوى واما الاختلاف في العرضيات الخارجية فهو مما لا يدوم ولا يمتنع زوالها بل قد ثبت في الحكمة الإلهية ان افراد كل طبيعة نوعيه يجب ان يكون فعلها الخاص لها اما دائمه أو أكثرية وان طبيعة ما من الطبائع لا يمكن أن تكون ممنوعه عن مقتضى ذاتها أبد الدهر فالقوة الجمادية مثلا لو كانت في طبعها ادراك الأمور أو تخيلها ولم تدرك لفقدان شرط فائت أو حصول مانع موجود لزم التعطيل في طبيعته والبرهان قائم على أن لا معطل في الوجود (2) وكذا لو كان للبصر ادراك الروائح وللشم