فصل (3) في الذوق وفيه مباحث منها ان الذوق أعم الخمسة بعد اللمس للحيوان وأشبه القوى بها فهو ثاني اللمس لأنه أيضا شعور بما يلائم البدن ليطلب ولهذا إذا اشتدت الحاجة إلى الغذاء كان الادراك أقوى والذوق أيضا مشروط باللمس لكنه لا يكفي فيه الملاقاة بالسطوح كما مر بل لا بد من نفوذ ذي الطعم في جرم آله الذوق وهو اللسان اما بذاته أو بواسطة الرطوبة اللعابية المنبعثة عن اللسان يقبل الطعوم ولا بد ان يكون تلك الرطوبة عديمه الطعم لتؤدي الطعوم إلى الاله بصحة وان خالطها طعم كما يكون للمرضى لم تؤد بصحة.
والحق ان الاله أيضا يجب أن تكون اما عديمه الطعم مطلقا أو ضعيفه الطعم جدا حتى يصح لها التكيف بكيفية ما يتأدى إليها من الطعوم ويقع بها الادراك ولا يكفي لحصول هذا الادراك تكيف الرطوبة اللعابية بالطعم ولا ملاقاة المطعوم لان الخارج عن البدن لا يمكن ان يكون موضع شعور النفس إذ العلاقة الطبيعية غير حاصله للنفس الا بالقياس إلى البدن وقواه لا إلى ما يخرج عن تدبير النفس وتصرفها والنفس تتحد بقواها وآلاتها ضربا من الاتحاد ولأجل ذلك كان وجود الشئ فيها بعينه وجوده للنفس والادراك عبارة عن وجود الشئ للمدرك فلا جرم يشعر النفس بوجود ما يتكيف به البدن وقواه دون ما خرج عنها.
ومنها ان هذه الرطوبة هل يتوسط في ايصال اجزاء ذي الطعم بان يختلط معها وتغوص معها في اللسان حتى يحس القوة بالطعم أو يتكيف بتلك الطعوم وتؤديها من غير مخالطه بتلك الاجزاء فعلى الأول لا فائدة فيها الا كونها بدرقة مسهلة لوصول الطعوم ويكون الحس بملامسة ذي الطعم من غير واسطه وعلى الثاني يكون الملاقى المحسوس بلا واسطه هو الرطوبة وكلا الوجهين محتمل وعلى كل حال لا يبقى بين الحاس والمحسوس متوسط.
ومنها يجب ان تعلم أن المذوق في الحقيقة ليس الكيفية الطعمية التي تقوم