والجواب انه من الجائز ان يكون ذلك لاحتياج القوة الفاعلية لتلك الافعال إلى تلك الآلات في فاعليتها لتلك الافعال لا في ذواتها الا ترى ان صاحب العيون الضعيفة يحتاجون إلى البلور في الرؤية ولم يلزم من ذلك أن يكون تلك الاله مدركه، فكذلك في هذه الآلات الطبيعية.
والثالث ان هذه الادراكات الجزئية حاصله لسائر الحيوانات فيجب ان يكون لها نفس ناطقة مجرده وذلك بعيد.
والجواب انه أي محال يلزم من ذلك وأقول التحقيق ان الحيوانات التامة التي لها قوه الحفظ ذوات نفوس مجرده عن عالم الطبيعة لا عن عالم الصورة المقدارية فليس لها الارتقاء إلى عالم المفارقات العقلية.
وأيضا فانا لا نقول بان ادراك الجزئيات يجب ان يكون بقوة مجرده بل ندعي ان نفوسنا تدرك الجزئيات بذاتها ثم لما ثبت ادراكها للكليات وثبت ان مدرك الكليات امر مجرد فيحكم بان قوه واحده فينا مجرده تدرك الجزئيات والكليات واما في سائر الحيوانات فلم نجد فيها هذه الحجة فلا جرم بقي الامر فيها مشكوكا فيه.
والرابع انا إذا أدركنا هذه الكره فلا بد وان يرتسم في المدرك صوره الكره ومن المحال ان يرتسم صوره الكره فيما لا وضع له ولا حيز ولا يكون إليه إشارة.
أقول (1) في الجواب ان هذا الاشكال انما يرد على مذهب من يكون الادراك عنده بانطباع صوره المدرك في ذات المدرك وليس عندنا كذلك بل بقيام صورته بالمدرك والقيام لا يستلزم الحلول بل المثول فقط.