فصل (9) في سبب الحول وفيما وقع الخلاف بين أصحاب الشعاع وأصحاب الانطباع في سبب الحول فزعم أصحاب الانطباع ان شبح المبصر أول ما ينطبع في الرطوبة الجليدية، والابصار ليس عندها والا لكان الواحد (1) يرى الاثنين كما إذا لمس شئ باليدين كان لمسين ولكن كما أن الصورة الخارجية يمتد منها في الوهم مخروط يستدق إلى أن يقع زاويته وراء سطح الجليدية كذلك الشبح الذي في الجليدية يتأدى منه بواسطة الروح المصبوب في العصبتين المجوفتين إلى ملتقاهما على هياه مخروط فيلتقي المخروطان ويتقاطعان هناك ووراء الملتقى ليس روح مدرك فحينئذ يتحد معهما صوره شبحية واحدة عند الروح الحامل للقوة الباصرة فإن لم يتأد (2) الشبحان إلى موضع واحد بل ينتهى كل شبح عند جزء آخر من الروح الباصر فحينئذ ينطبع من كل شبح ينفذ عن الجليدية صوره أخرى على حدة فيرى الشئ الواحد شيئين.
وقال أصحاب الشعاع هذا العذر فاسد لأنا إذا تكلفنا الحول ونظرنا إلى الشئ نظر الأحول نراه أيضا اثنين كما يراه الأحول ونحن نعلم أن عند تكلفنا الحول لا يبطل تركيب العصبتين في داخل الدماغ فان التقائهما ليس على وجه يبطل ويعود متى شئنا وأيضا لو كان في مقابلنا شيئان أحدهما قريب والاخر بعيد على سمت واحد لكن لا على وجه يحجب القريب البعيد ثم نظرنا إلى الأقرب إلينا وجمعنا البصر عليه كانا لا ننظر إلى غيره وانا نراه واحدا ونرى الأبعد في هذه الحالة شيئين ولو نظرنا إلى الأبعد كذلك كان الامر بالعكس من ذلك فلو كان السبب في الحول