الصورة وتصير مستقره في الخيال فيعود بسببه المعنى المستقر في الحافظة.
واعترض بان حفظ المعاني مغاير لادراكها وادراكها مغاير للتصرف فيها واستعراضها فالاسترجاع لا يتم الا بحفظ وادراك وتصرف فالمسترجعة لا تكون قوه واحده فيزيد عدد القوى الباطنة على الخمسة المذكورة.
والجواب ان الادراك للوهم والحفظ للحافظة والتصرف للمتفكرة وبهذه القوى يتم الاسترجاع من غير حاجه إلى قوه أخرى غيرها فوحدة المسترجعة وحده اعتبارية غير حقيقية وكذا الذاكرة مركب من ادراك وحفظ يتم بالوهم والحافظة.
واعلم أن هذه القوى وان كانت متغايرة الوجود مختلفه الحدوث منفكة بعضها عن بعض فمن الحيوان (1) ما لا يكون له الا الحس الظاهر ومنه ما له خيال ولا وهم له ومنه ما لا حفظ له الا انها ترجع عند كمالها إلى ذات واحده لها شؤون كثيره.
وسيجئ بيان ان النفس بذاتها مدركه للصور الجزئية والمعاني الكلية في فصل معقود لهذا فكن منتظرا متوقعا لبيانه وان سبق منا تنبيهات كثيره يتفطن الذكي اللبيب على هذا المطلب من غير كلفه لكنا نوضحه زيادة ايضاح لأنها مطلب عال ومتاع ثمنه غال.
. ومما يؤيد ما ذكرناه ان الشيخ قال في الشفا في آخر الفصل الأول من المقالة الرابعة من الكلام في النفس ويشبه ان يكون القوة الوهمية هي بعينها المفكرة والمتخيلة والمتذكرة وهي بعينها الحاكمة فيكون بذاتها حاكمه وبحركاتها وأفعالها متخيلة ومتذكرة فتكون متخيلة بما يعمل في الصور والمعاني، ومتذكرة بما ينتهى إليه عملها واما الحافظة فهي قوه خزانتها انتهى ولا ينافي هذا ما ذكره قبل هذا الكلام متصلا به بل يؤيده وهو قوله وهذه القوة المركبة بين الصورة والصورة، وبين الصورة والمعنى وبين المعنى والمعنى كأنها القوة الوهمية بالموضع لا من حيث تحكم بل من حيث يعمل لتصل إلى الحكم وقد جعل مكانها وسط الدماغ ليكون