لان (1) توسيط المادة بوضعها في تأثير الفاعل في تلك المادة غير معقول فإذا لم تكن النفس في فعلها ولا في ذاتها مفتقرة إلى المادة لم تكن نفسا بل عقلا؟.
لأنا نقول النفس وكل صوره سواءا كانت مادية الوجود أو مادية الفعل فإنما يؤثر في نفس تلك المادة وحالاتها لا على وجه الاستقلال أو بخصوصها بل على وجه الشركة مع الامر المفارق بحسب طبيعتها المطلقة فالنفس بما هي طبيعة نفسانية مطلقه مع انحفاظ وحدتها المتبدلة بواحد عقلي ثابت علة مقيمة للبدن وهي بحسب كل خصوصية لها مفتقرة إلى البدن افتقار الصورة في أحوالها المشخصة إلى المادة القابلة.
وقولهم والثاني أي كون البدن علة للنفس باطل لان العلل أربع الخ.
قلنا نختار ان البدن علة مادية للنفس بما هي لها وجود نفساني وقد سبق ان نفسية النفس أي كونها بحيث تتصرف في البدن وتستكمل امر ذاتي لها ووجود حقيقي لها وليست النفسية لهذا الوجود كالعوارض التي تلحق الشئ بعد تمام ذاتها وهويتها، بل كونها نفسا ككون الصورة صوره والمادة مادة من حيث إن المسمى والمفهوم الإضافي موجود بوجود واحد وككون الواجب صانع العالم وكما أن عالمية الباري بالأشياء وقدرته على الكل ليست بأمر زائد على ذاته فكذا نفسية النفس ما دام وجودها هذا الوجود التدبيري ليست بأمر زائد في الوجود على وجود النفس بل زيادتها بحسب المفهوم والماهية.
فقولهم في نفى كون البدن علة مادية ان النفس مجرده والمجرد مستغن عن المادة.
فنقول المجرد وهو الذي يكون عقلا بالفعل لا تعلق له بالأجسام أصلا وليست النفس كذلك فالدليل المذكور ان أقيم على أن الذات العقلية التي وجودها وجود عقلي لذاتها ولا تعلق لها بالأجسام لا يفسد بفساد البدن فذلك بين واضح ولكن كون الشئ عقلا مفارقا ينافي كونه نفسا مدبرا للبدن الجزئي المعين على وجه ينفعل ويستكمل به ضربا من الانفعال والاستكمال وقد علمت أن ليس بين النفس والبدن مجرد معيه