والتجدد انما يطرء ان لبعض نشأتها فنقول لما كانت للنفس الانسانية ترقيات وتحولات من نشأة أولى إلى نشأة أخرى كما أشير إليه (1) بقوله تعالى ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فإذا ترقت وتحولت وبعثت من عالم الخلق إلى عالم الامر يصير وجوده وجودا مفارقا عقليا لا يحتاج حينئذ إلى البدن وأحواله واستعداده فزوال استعداد البدن إياها يضرها ذاتا وبقاءا بل تعلقا وتصرفا إذ ليس وجودها (2) الحدوثي هو وجودها البقائي لان ذلك مادي وهذا مفارق عن المادة فليس حالها عند حدوثها كحالها عند استكمالها ومصيرها إلى المبدء الفعال فهي بالحقيقة جسمانية الحدوث روحانية البقاء ومثالها كمثال الطفل وحاجته إلى الرحم أولا واستغنائه عنه أخيرا لتبدل الوجود عليه وكمثال الصيد والحاجة في اصطياده إلى الشبكة أولا، والاستغناء في بقائه عند الصياد أخيرا ففساد الرحم والشبكة لا ينافي بقاء المولود والصيد ولا يضره.
وأيضا حاجه الشئ إلى امر ما لا يستلزم حاجه لوازمه الذاتية إليه كحاجة الوجود المعلولي إلى جاعل دون ماهيته لأنها غير مجعولة كما مر مع أنه من لوازم الوجود وككون وجود المثلث معلولا وعدم كونه ذا الزوايا الثلاث معلولا.
ثم اعلم أن العلة المعدة علة بالعرض عند التحقيق وليست عليتها كعلية العلل الموجبة حتى يقتضى زوالها زوال المعلول وما ذكروه من قولهم كل ما لا حامل لامكان