والاتحاد بحسب كل نشأة يخالف الاتحاد بحسب نشأة أخرى ولا شبهه لاحد في أن نشأة التعلق بالبدن غير نشأة التجرد عنه كيف والنفوس في هذه النشأة البدنية صارت بحيث ترتبط ويتأحد كل واحده منها بالبدن اتحادا طبيعيا يحصل منهما نوع طبيعي حيواني وفي النشأة العقلية يكون عند استكمالها متحدة بالعقل المفارق كما عليه أفضل الأقدمين فكيف يقاس اتحاد النفوس في عالم العقل والجمعية باتحادها في عالم الأبدان وعالم التفرقة في الجواز وعدمه ولو جاز اتحاد النفوس في عالم الأبدان لجاز اتحاد الأبدان بعضها ببعض لان البدن لا يتشخص الا بالنفس والحاصل ان ادراك الشئ باله متقوم بتلك الاله فادراكات النفوس لما كانت بالآلات كانت مدركه من حيث تلك الآلات فلا يلزم ان يكون مدركاتها من حيث حصولها بآلات أخرى مدركه لذاتها من حيث ذاتها ولا لذاتها من حيث لها آلات أخرى غير الآلات التي بها أدركت تلك الادراكات والمدركات.
الثالث ان قوله لا يتصور وحدتها لأنها لا تنقسم بعد ذلك فيه ان الوحدة تكون على وجوه شتى كالعقلية والنوعية والعددية والمقدارية ولكل وحده كثره تقابلها، وليس كل وحده تقابلها كل كثره فان موضوع الوحدة العقلية قد يكون بعينه موضوع الكثرة العددية وكذا موضوع الواحد بالطبع قد يكون كثيرا بالاجزاء وقد علمت أيضا فيما سبق ان العقل البسيط كل الأشياء المعقولة فكذلك فيما نحن فيه فان النزول من نشأة العقل إلى نشأة الأبدان يقتضى تكثير الواحد والصعود من هذه النشأة