وإن كان لا يلزم ذلك فكذلك ما ذكرتموه.
وأيضا العقلاء ببداهة عقولهم يعلمون انه ليس المبصر هو العين ولا السامع هو الاذن، ولا المتكلم هو الحنجرة بل الانسان هو السميع البصير المتكلم حتى أن بعضهم اعتقدوا في بادي نظرهم ان الجملة هي الموصوفة بهذه الصفات ثم لما (1) لاح لهم ان الآحاد لما لم تكن موصوفه بهذه الصفات امتنع ان يكون الجملة كذلك فحينئذ اضطربوا وتشككوا والأكياس منهم تنبهوا للنفس فظهر ان ليس العلم بكون العين مبصرة علما بديهيا بل العلم البديهي حاصل ان للعين اعتبارا في حصول الابصار فاما انها هي مبصرة أو هي آله للأبصار فذلك غير معلوم بأول الفطرة.
الثاني انا نرى ان الآفة إذا حلت عضوا من هذه الأعضاء بطلت الافعال أو ضعفت أو تشوشت وذلك ظاهر في الحواس الخمس الظاهرة واما الحواس الباطنة فالتجارب الطبية داله على أن الآفة متى حلت البطن المقدم من الدماغ اختل التخيل وان حلت البطن الأوسط اختل التفكر وان حلت البطن المؤخر اختل الذكر ولولا أن هذه القوى جسمانية لما كان الامر كذلك.