ولما ثبت أيضا في بداهة العقول من امتناع انطباع العظيم في الصغير فإذا هي موجودة للنفس قائمه بها ضربا آخر من القيام.
طريق آخر ان الصور (1) الخيالية لو كانت منطبعة في الروح الدماغي كما هو المشهور من القوم لكان لا يخلو اما ان يكون لكل صوره موضع معين غير موضع الصورة الأخرى وذلك محال إذ الانسان الواحد قد يحفظ المجلدات ويشاهد أكثر الأقاليم والبلدان وعجائبها ويبقى صور تلك الأشياء في حفظه وخياله ومن المعلوم بالبداهة ان الروح الدماغي لا يفي بذلك واما ان ينطبع جميع تلك الصور في محل واحد فيكون الخيال كاللوح الذي يكتب فيه الخطوط بعضها على البعض ولا يتميز شئ منها ولكن الخيال ليس كذلك إذ يشاهدها متميزا بعضها عن بعض غير مغشوش فعلمنا ان الصور غير منطبعة على أن من الممتنع ان يتلاقى الأشياء المتحدة في الطبيعة ولا تصير متحدة الوجود وإذا اتحدت فمن الممتنع ان يختص البعض بان يكون محلا لصورة دون البعض.
وجه آخر ان الروح الخيالي لكونه جسما لا بد ان يكون له مقدار فإذا تخيلنا المقدار فعند ذلك لو حصل فيه المقدار لزم (2) حلول المقدارين في مادة واحده وهو محال.
الوجه الرابع التمسك بما ذكره الشيخ في كتاب المباحثات على طريق التشكيك لمنافاته مع كثير من أصوله مثل ان الادراك للشئ المغاير لا بد فيه من انطباع صورته في المدرك فلو كانت النفس مدركه للصور المقدارية فيلزم كونها (3) محلا للمقدار وان الجوهر (4) الواحد لا يمكن ان يكون مجردا وماديا عاقلا وحساسا وغيرهما